نام کتاب : الرسالة القشيرية نویسنده : القشيري، عبد الكريم جلد : 1 صفحه : 539
باب الوصية للمريدين
قال الأستاذ الإمام: لما أثبتنا طرفا من سير القوم، و ضممنا إلى ذلك
أبوابا من المقامات، أردنا أن نختم هذه الرسالة بوصية للمريدين، نرجو من اللّه
تعالى حسن توفيقهم لاستعمالها، و أن لا يحرمنا القيام بها، و أن لا يجعلها-
سبحانه- حجة علينا.
فأول قدم للمريد فى هذه الطريقة ينبغى أن يكون على الصدق، ليصح له
البناء على أصل صحيح؛ فإن الشيوخ قالوا: إنما حرموا الوصول لتضييعهم الأصول.
كذلك سمعت الأستاذ أبا على يقول؛ فتجب البداية بتصحيح اعتقاد بينه و
بين اللّه تعالى، صاف عن الظنون و الشبه، خال من الضلالة و البدع، صادر عن
البراهين و الحجج.
و يقبح بالمريد أن ينتسب إلى مذهب من مذاهب من ليس من هذه الطريقة.
و ليس انتساب الصوفى إلى مذهب من مذاهب المختلفين، سوى طريقة
الصوفية، إلا نتيجة جهلهم[1] بمذاهب
أهل هذه الطريقة؛ فان هؤلاء حججهم فى مسائلهم أظهر من حجج كل أحد، و قواعد مذاهبهم
أقوى من قواعد كل مذهب.
و الناس: إما أصحاب النقل و الأثر، و إما أرباب العقل و الفكر.
و شيوخ هذه الطائفة ارتقوا عن هذه الجملة؛ فالذى للناس غيب، فهو لهم
ظهور[2]، و الذى
للخلق من المعارف مقصود[3] فلهم[4] من الحق، سبحانه، موجود، فهم أهل
الوصال، و الناس أهل الاستدلال.
و لم يكن عصر من الأعصار فى مدة الإسلام إلا و فيه شيخ من شيوخ هذه
الطائفة، ممن له علوم التوحيد، و إمامة القوم إلا و أئمة ذلك الوقت من العلماء
استسلموا لذلك الشيخ، و تواضعوا له و تبركوا به ..