و كان كبير الشأن[1]. أخبرنا
الشيخ أبو عبد الرحمن السلمى، رحمه اللّه، قال:
أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: حدثنا محمد بن المسيب قال: حدثنا بن
خبيق قال، قال:
يوسف بن سباط:
ورث داود الطائى عشرين دينارا فأكلها فى عشرين سنة.
سمعت الأستاذ أبا على الدقاق، رحمه اللّه، يقول: كان سبب زهد داود
الطائى:
أنه كان يمر ببغداد، فمر[2]
يوما، فنحاه[3] المطرقون[4] بين يدى حميد الطوسى، فالتفت داود
فرأى حميدا، فقال داود: أف لدنيا سبقك بها حميد.
و لزم البيت و أخذ فى الجهد و العبادة.
و سمعت ببغداد بعض الفقراء يقول: إن سبب زهده أنه سمع نائحة تنوح و
تقول:
بأى
خديك تبدى البلى
و
أى عينيك إذا سالا
و قيل: كان سبب زهده: أنه كان يجالس أبا حنيفة، رضى اللّه عنه، فقال:
له أبو حنيفة يوما:
يا أبا سليمان، أما الأداة[5]
فقد أحكمناها. فقال له داود: فأى شئ بقى؟ فقال:
العمل به.
قال داود: فنازعتنى نفسى إلى العزلة، فقلت لنفسى: حتى تجالسهم و لا
تتكلم فى مسألة.
[1] - قال الذهبى:« كان إماما فقيها ذا فنون عديدة ثم
تعبدو آثر الوحدة و أقبل على شأنه و ساد أهل زمانه توفى سنة 166 ه. بالكوفة و من
كلامه: إنما الليل و النهار مراحل ينزلها الناس مرحلة حتى ينتهى بهم ذلك إلى آخر
سفرهم؛ فان استطعت أن تقدم فى كل مرحلة زادا لما بين يديها فافعل، و قال« لا تمهر
الدينا دينك، فمن أمهرها دينه زفت اليه الندم».