إن معالم الإيمان، و سمات التدين! و الفكرة الصحيحة عن الهدف الذى من
أجله خلق الإنسان، و المنطق السليم فى الصلة بين اللّه و العالم ... إن كل ذلك
يكاد- فى العصر الحاضر- يندرس و يتلاشى.
و إنه لمن المؤكد، أن الأغلبية العظمى من الناس الآن يسيرون فى
الحياة دون شعور واضح برسالة السماء، و توجيهها، و هديها!! و إنهم بذلك لفى خسر، و
إنهم بذلك لمن الأشقياء. و مع أن رسالة السماء، لا تعقيد فيها، و مع أن هدى اللّه
سهل واضح؛ فان الإنسان يحاول- منذ أن كانت الرسالة الإلهية- ان ينشق عليها، و أن
يقف منها موقف المتمرد.
هذه الرسالة، يمكن تلخيصها فى كلمة: «الإسلام» و ليس هناك من تعبير
أدق، و لا أجمل من هذا التعبير؛ إنه دقيق فى معناه، جميل فى جرسه.
و رسالة اللّه إلى الإنسان: هى أن يلقى الإنسان بقياده إلى خالقه، هى
أن يسلم الإنسان نفسه لربه. و المسلم من أسلم للّه أمره، إنه الذى يعتنق مبدأ
السلام مع اللّه، فاذا ما اعتنق مبدأ السلام مع اللّه كان قلبه سلاما بالنسبة إلى
نفسه: أى هدوءا و اطمئنانا، و سلاما بالنسبة إلى اللّه: أى رضا و غبطة، و سلاما
بالنسبة إلى الخلق، فيسلم الخلق- للسلام الذى يعمر قلبه- من لسانه و يده.
فاذا ما: «اسلم» الإنسان، فقد استجاب إلى الدعوة الإلهية.
*** هذه الدعوة التى تتسم بالتوحيد، و الوحدة و الوحدانية، و التى
يعبر عنها بالإسلام: تختلف فى موقفها بالنسبة لتوجيه الإنسان، بحسب موضوع التوجيه؛
ذلك أنها توجه الإنسان بالنسبة للطبيعة، للكون المادى للعالم المحس، و فى هذا
المجال تأمره أمرا، و تفرض عليه فرضا، أن يغزو هذا العالم: فيصل إلى أعمق