باب التصوف
الصفاء محمود بكل لسان، و ضده الكدورة؛ و هى مذمومه.
أخبرنا عبد اللّه بن يوسف الأصبهانى قال: أخبرنا عبد اللّه بن يحيى الطلحى قال:
حدثنا الحسين بن جعفر قال: حدثنا عبد اللّه بن نوفل قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن يزيد بن أبى زياد، عن أبى جحيفة قال:
خرج علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم متغير اللون فقال: «ذهب صفو الدنيا و بقى الكدر، فالموت اليوم تحفة لكل مسلم».
ثم هذه التسمية غلبت على هذه الطائفة؛ فيقال: «رجل صوفى»، و للجماعة «صوفية»، و من يتوصل إلى ذلك[1] يقال له: «متصوف»، و للجماعة:
«المتصوفة».
و ليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس و لا اشتقاق. و الأظهر فيه:
أنه كاللقلب، فأما قول من قال: إنه الصوف، و لهذا يقال: تصوف إذا لبس الصوف كما يقال: تقمص إذا لبس القميص، فذلك وجه. و لكن القوم لم يختصوا بلبس: الصوف ..
و من قال: إنهم منسوبون إلى صفة مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فالنسبة إلى الصفة لا تجئ على نحو الصوفى ..
و من قال: إنه مشتق من الصفاء، فاشتقاق الصوفى من الصفاء بعيد فى مقتضى اللغة.
و قول من قال: إنه مشتق من الصف، فكأنهم[2] فى الصف الأول بقلوبهم فالمعنى صحيح، و لكن اللغة لا تقتضى هذه النسبة إلى الصف.
ثم إن هذه الطائفة أشهر من أن يحتاج فى تعيينهم إلى قياس لفظ و استحقاق اشتقاق.
و تكلم الناس فى التصوف: ما معناه؟ و فى الصوفى: من هو؟
فكل عبر بما وقع له. و استقصاء جميعه يخرجنا عن المقصود من الإيجاز.
و سنذكر هنا بعض مقالاتهم فيه على حد التلويح، إن شاء اللّه تعالى.
[1] - بالتشبه بهم
[2] - الأولى« لأنهم».