نام کتاب : الرسالة القشيرية نویسنده : القشيري، عبد الكريم جلد : 1 صفحه : 343
باب الفراسة
قال اللّه تعالى: «إِنَّ فِي ذلِكَ
لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ».[1] قيل: للمتفرسين.
أخبرنا الشيخ أبو عبد الرحمن السلمى، رحمه اللّه تعالى، قال: أخبرنا
أحمد ابن على بن الحسين الرازى قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن السكن قال: حدثنا موسى
بن داود قال: حدثنا محمد بن كثير الكوفى قال: حدثنا عمرو بن قيس.
عن عطية، عن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و
سلم:
«اتقوا فراسة المؤمن؛ فانه ينظر بنور اللّه عز و جل»[2].
و الفراسة: خاطر على القلب فينفى ما يضاده. و له على القلب حكم اشتقاقا
من: فريسة السبع، و ليس فى مقابلة الفراسة مجوزات[3]
للنفس.
و هى على حسب قوة الإيمان: فكل من كان أقوى إيمانا كان أحد فراسة.
و قال أبو سعيد الخراز: من نظر بنور الفراسة نظر بنور الحق، و تكون
مواد علمه من الحق بلا سهو و لا غفلة، بل حكم حق جرى على لسان عبد.
و قوله: «نظر بنور الحق» يعنى: بنور خصه به الحق سبحانه.
و قال الواسطى: إن الفراسة: سواطع أنوار لمعت فى القلوب، و تمكين
معرفة حملت السرائر فى الغيوب من غيب إلى غيب، حتى يشهد الأشياء من حيث أشهده
الحق، سبحانه، إياها؛ فيتكلم على ضمير الخلق.
و يحكى عن أبى الحسن الديلمى أنه قال:
دخلت (أنطاكية) لأجل (أسود) قيل لى: إنه يتكلم على الأسرار. فأقمت
فيها إلى أن خرج من جبل (لكام)[4] و معه شئ
من المباح يبيعه، و كنت جائعا منذ يومين لم آكل شيئا فقلت له: بكم هذا؟ و أوهمته
أنى أشترى ما بين يديه فقال:
أقعد ثم؛ حتى إذا بعناه نعطيك ما تشترى به شيئا .. فتركته و سرت إلى
غيره؛ أوهمه أنى أساومه. ثم رجعت إليه، و قلت له:
إن كنت تبيع هذا فقل لى بكم؟ فقال: إنما جعت يومين، أقعد ثم، حتى إذا
بعناه نعطيك ما تشترى به شيئا .. فقعدت .. فلما باعه أعطانى شيئا و مشى، فتبعته ..
[2] - أخرجه البخارى فى التاريخ و الترمذى عن أبى سعيد
الحكيم و سموية و الطبرانى فى المعجم الكبير، و ابن عدى فى الكامل عن أبى أمامة و
ابن جرير عن ابن عمر.