نام کتاب : الرسالة القشيرية نویسنده : القشيري، عبد الكريم جلد : 1 صفحه : 328
باب الحرية
قال اللّه عز و جل: «وَ يُؤْثِرُونَ عَلى
أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ»[1].
قال[2]: إنما
آثروا على أنفسهم لتجردهم[3] عما
خرجوا منه، و آثروا به.
أخبرنا: على بن أحمد الأهوازى، قال: أخبرنا أحمد بن عبيد البصرى قال:
حدثنا ابن أبى قماش قال: حدثنا محمد بن صالح بن النطاح قال: حدثنا
نعيم بن مورع بن توبة، عن إسماعيل المكى، عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن
عباس، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إنما يكفى أحدكم ما قنعت به
نفسه، و إنما يصير إلى أربعة أذرع و شبر[4]،
و إنما يرجع الأمر إلى آخر»[5].
قال: الحرية: أن لا يكون العبد تحت رق المخلوقات، و لا يجرى عليه
سلطان المكونات، و علامة صحته: سقوط التمييز عن قلبه بين الأشياء، فيتساوى عنده
أخطار الأعراض[6].
قال حارثة رضى اللّه عنه لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: عرفت
نفسى عن الدنيا؛ فاستوى عندى حجرها و ذهبها.
سمعت الأستاذ أبا على الدقاق، رحمه اللّه، يقول: من دخل الدنيا و هو
عنها حر ارتحل إلى الآخرة و هو عنها حر.
سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت أبا محمد المراغى يحكى عن الرقى، عن
الدقاق: يقول: من كان فى الدنيا حرأ منها كان فى الآخرة حرأ منها.
و اعلم أن حقيقة الحرية فى كمال العبودية؛ فاذا صدقت للّه تعالى
عبوديته خلصت عن رق الأغيار حريته.
فأما من توهم أن العبد يسلم له أن يخلع وقتا عذار العبودية، و يحيد
بلحظه عن حد الأمر و النهى و هو مميز، فى دار التكليف، فذلك انسلاخ من الدين.