نام کتاب : الرسالة القشيرية نویسنده : القشيري، عبد الكريم جلد : 1 صفحه : 307
الإرادة، فسميت تلك الحالة: إرادة، و هى
خروج عن العادة؛ فان[1] ترك
العادة أمارة الإرادة.
فأما حقيقتها: فهى نهوض القلب فى طلب الحق، سبحانه، و لهذا يقال:
إنها لوعة تهون كل روعة[2].
سمعت: الأستاذ أبا على الدقاق، رحمه اللّه، يقول حاكيا عن ممشاد
الدينورى، أنه قال: مذ علمت أن أحوال الفقراء جد كلها لم أمازح فقيرا؛ و ذلك أن فقيرا
قدم علىّ فقال: أيها الشيخ أريد أن تتخذلى عصيدة .. فجرى على لسانى إرادة و عصيدة
فتأخر الفقير و لم أشعر به، فأمرت باتخاذ عصيدة .. و طلبت الفقير فلم أجده ..
فتعرفت خبره .. فقيل لى: إنه انصرف من فوره، و كان يقول فى نفسه:
إرادة و عصيدة .. إرادة و عصيدة .. و هام على وجهه حتى دخل البادية، و لم يزل يقول
هذه الكلمات حتى مات.
و عن بعض المشايخ قال: كنت بالبادية وحدى، فضاق صدرى، فقلت:
يا إنس، كلمونى .. يا جن كلمونى، فهتف بى هاتف: ما تريد؟ فقلت: أريد
اللّه تعالى، فقال: متى تريد اللّه؟ يعنى: أن من قال للجن و الإنس: كلمونى، متى
يكون مريدا للّه عز و جل؟. و المريد لا يفتر آناء الليل و النهار، فهو فى الظاهر
بنعت المجاهدات، و فى الباطن بوصف المكابدات .. فارق الفراش، و لازم الانكماش، و
تحمل، المصاعب، و ركب المتاعب، و عالج الأخلاق، و مارس المشاق، و عانق الأهوال، و
فارق الأشكال، كما قيل:
سمعت: الأستاذ أبا على الدقاق يقول: الإرادة: لوعة فى الفؤاد .. لدغة
فى القلب .. غرام فى الضمير .. انزعاج فى الباطن .. نيران تتأجج فى القلوب.
سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت محمد بن عبد اللّه يقول: سمعت أبا
بكر السباك يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: كان بين أبى سليمان و أحمد بن أبى
الحوارى عقد: لا يخالفه أحمد فى شئ بأمره به .. فجاءه يوما و هو يتكلم فى