نام کتاب : الرسالة القشيرية نویسنده : القشيري، عبد الكريم جلد : 1 صفحه : 298
و يمكن الجمع بين اللسانين[1]؛ فيقال: بداية الرضا مكتسبة
للعبد، و هى من المقامات، و نهايته من جملة الأحوال، و ليست بمكتسبة.
و تكلم الناس فى الرضا؛ فكل عبر عن حاله و شربه[2]،
فهم فى العبارة عنه مختلفون، كما أنهم فى الشرب و النصيب من ذلك متفاوتون.
فأما شرط العلم، و الذى هو لا بد منه: فالراضى باللّه تعالى، هو:
الذى لا يعترض على تقديره.
سمعت الأستاذ أبا على الدقاق يقول: ليس الرضا أن لا تحس بالبلاء،
إنما الرضا: أن لا تعترض على الحكم و القضاء.
و اعلم أن الواجب على العبد: أن يرضى بالقضاء الذى أمر بالرضا به؛ إذ
ليس كل ما هو بقضائه يجوز للعبد أو يجب عليه الرضا به؛ كالمعاصى، و فنون محن
المسلمين.
و قال المشايخ: الرضا باب اللّه الأعظم. يعنون: أن من أكرم بالرضا
فقد لقى بالترحيب الأوفى، و أكرم بالتقريب الأعلى.
سمعت محمد بن الحسين، رحمه اللّه، يقول: أخبرنا أبو جعفر الرازى قال:
حدثنا العباس بن حمزة قال: حدثنا ابن أبى الحوارى قال: قال عبد الواحد بن زيد:
الرضا باب اللّه الأعظم، و جنة الدنيا.
و اعلم: أن العبد لا يكاد يرضى عن الحق، سبحانه، إلا بعد أن يرضى عنه
الحق سبحانه؛ لأن اللّه عز و جل قال: «رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ».[3]
سمعت الأستاذ أبا على الدقاق يقول: قال تلميذ لأستاذه: هل يعرف العبد
أن اللّه تعالى راض عنه؟ فقال: لا، كيف يعلم ذلك. و رضاه غيب؟ فقال التلميذ: بل
يعلم ذلك، فقال: كيف؟. فقال: اذا وجدت قلبى راضيا عن اللّه تعالى، علمت أنه راض
عنى فقال الأستاذ: أحسنت يا غلام.
و قيل: قال موسى 7: إلهى، دلنى على عمل إذا عملته رضت به
عنى. فقال: إنك لا تطيق ذلك. فخر موسى 7 ساجدا له، متضرعا، فأوحى اللّه
تعالى إليه: يا ابن عمران، إن رضاى فى رضاك بقضائى.