و عند القوم: ليس المراد من اطلاق لفظ النفس الوجود، و لا القالب
الموضوع[2].
إنما أرادوا بالنفس: ما كان معلولا[3]
من أوصاف العبد و مذموما من أخلاقه و أفعاله.
ثم إن المعلولات من أوصاف العبد على ضربين:
أحدهما: ما يكون كسبا له؛ كمعاصيه و مخالفاته.
و الثانى: أخلاقه الدنيئة، فهى فى أنفسها مذمومة، فاذا عالجها العبد
و نازلها، تنتفى عنه بالمجاهدة تلك الأخلاق على مستمر المادة.
و القسم الأول من أحكام النفس: ما نهى عنه نهى تحريم، أو نهى تنزيه.
و أما القسم الثانى، من قسمى النفس: فسفساف الأخلاق، و الدنئ منها.
هذا حده على الجملة، ثم تفصيلها[4]:
فالكبر، و الغضب، و الحقد، و الحسد، و سوء الخلق، و قلة الاحتمال، و غير ذلك من
الأخلاق المذمومة.
و أشد أحكام النفس و أصعبها: توهما أن شيئا منها حسن، أو أن لها
استحقاق قدر، و لهذا عد ذلك من الشرك الخفى.
و معالجة الأخلاق فى ترك النفس، و كسرها، أتم[5]
من مقاساة الجوع و العطش و السهر، و غير ذلك من المجاهدات التى تتضمن سقوط القوة،
و إن كان ذلك أيضا من جملة ترك النفس، و يحتمل أن تكون النفس: لطيفة مودعة فى هذا
القالب، هى محل الأخلاق المعلومة[6].
كما أن الروح: لطيفة، مودعة فى هذا القالب هى محل الأخلاق المحمودة.