نام کتاب : الرسالة القشيرية نویسنده : القشيري، عبد الكريم جلد : 1 صفحه : 155
أحدهما: ما لا سبيل إليه، لأنه قال صلى
اللّه عليه و سلم: «لو بقيتم على ما كنتم عليه عندى لصافحتكم الملائكة»[1] و لأنه صلى اللّه عليه و سلم قال:
«لى وقت لا يسعنى فيه غير ربى عز و جل» أخبر عن وقت مخصوص.
و الوجه الثانى: أنه يصح دوام الأحوال، لأن أهل الحقائق ارتقوا عن
وصف التأثر بالطوارق، و الذى فى الخبر أنه قال: «لصافحتكم الملائكة» فلم يعلق
الأمر فيه على أمر مستحيل، و مصافحة الملائكة دون ما أثبت لأهل البداية من قوله
صلى اللّه عليه و سلم: «إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع»[2].
و ما قال: «لى وقت ..»، فانما قال على حسب فهم السامع. و فى جميع
أحواله كان قائما بالحقيقة.
و الأولى أن يقال: إن العبد ما دام فى الترقى ف صاحب تلوين يصح فى
نعته الزيادة فى الأحوال، و النقصان منها، فاذا وصل إلى الحق بانخناس أحكام
البشرية مكنه الحق سبحانه، بأن لا يرده إلى معلومات النفس، فهو متمكن فى حاله، على
حسب محله و استحقاقه.
تم ما يتحفه- الحق سبحانه، فى كل نفس، فلاحد لمقدوراته، فهو فى
الزيادات متلون، بل ملون. و فى أصل حاله متمكن؛ فابدا يتمكن فى حالة أعلى مما كان
فيها قبله، ثم يرتقى عنها إلى ما فوق ذلك إذ لا غاية لمقدورات الحق سبحانه فى كل
جنس.
[1] - الحديث بأكمله: عن أبى ربعى: حنظلة بن الربيع
الأسيدى: الكاتب أحد كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال:« لقينى أبو بكر،
رضى اللّه عنه فقال: كيف أنت يا حنطلة؟ قلت: فافق حنظلة. قال: سبحان اللّه. ما
تقول؟ فقلت:
تكون عند رسول اللّه، صلى اللّه
عليه و سلم يذكرنا بالجنة و النار كأنها رأى عين، فإذا اخرجنا من عند رسول اللّه
صلى اللّه عليه و سلم عافسنا الأزواج و الأولاد و الضيعات نسينا كثيرا، قال أبو
بكر رضى اللّه عنه، فو اللّه إننا لنلقى مثل هذا: فانطلقت أنا و أبو بكر حتى دخلنا
على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقلت: يا رسول اللّه، فافق حنظلة فقال رسول
اللّه صلى اللّه عليه و سلم: و ما ذاك؟ قال: نكون عندك تذكرنا بالنار و اللجنة
كأنها رأى عين فاذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج و الأولاد و الضيعات: نسينا
كثيرا، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: و الذى نفسى بيده، أن لو تدومون على
ما تكونون عندى و فى الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم و فى طرقكم، و لكن يا
حنظلة، ساعة و ساعة ثلاث مرات» رواه مسلم. عافسنا: داعبنا، الضيعات: المعايش.
[2] - الحديث بتمامه فيما روراه أبو داود و الترمذى عن
أبى الدرداء رضى اللّه عنه، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:« من
سلك طريقا يبتغى فيه علما سهل اللّه له طريقا إلى الجنة، و إن الملائكة لتضع
أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، و إن العالم ليستغفر له من فى السموات و من فى
الأرض حتى الحيتان فى الماء و فضل العالم على العابد: كفضل القمر على سائر
الكواكب، و إن العلماء ورثة الأنبياء و إن الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما،
و إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر».
نام کتاب : الرسالة القشيرية نویسنده : القشيري، عبد الكريم جلد : 1 صفحه : 155