نام کتاب : الرسالة القشيرية نویسنده : القشيري، عبد الكريم جلد : 1 صفحه : 139
الفناء و البقاء
أشار القوم بالفناء: إلى سقوط الأوصاف المذمومة.
و أشاروا بالبقاء: إلى قيام الأوصاف المحمودة به.
و إذا كان العبد لا يخلو عن أحد هذين القسمين، فمن المعلوم: أنه إذا
لم يكن أحد القسمين كان القسم الآخر لا محالة، فمن فنى عن أوصافه المذمومة ظهرت
عليه الصفات المحمودة، و من غلبت عليه الخصال المذمومة استترت عنه الصفات
المحمودة.
و اعلم أن الذى يتصف به العبد: أفعال، و أخلاق، و أحوال.
فالأفعال: تصرفاته باختياره.
و الأخلاق: جبلة فيه، و لكن تتغير بمعالجته على مستمر العادة.
و الأحوال: ترد على العبد على وجه الابتداء، لكن صفاؤها بعد زكاء
الأعمال.
فهى كالأخلاق من هذا الوجه، لأن العبد إذا نازل[1]
الأخلاق بقلبه فينفى بجهده سفسافها[2]، منّ
اللّه عليه بتحسين أخلاقه، فكذلك إذا واظب على تزكية أعماله، ببذل وسعه منّ اللّه
عليه بتصفية أحواله، بل بتوفية أحواله.
فمن ترك مذموم أفعاله بلسان الشريعة يقال: أنه فنى عن شهواته.
فاذا فنى عن شهواته بقى بنيته و إخلاصه فى عبوديته.
و من زهد فى دنياه بقلبه، يقال، فنى عن رغبته.
فاذا فنى عن رغبته فيها بقى بصدق إنابته.
و من عالج أخلاقه، فنفى عن قلبه الحسد و الحقد، و البخل، و الشح و
الغضب، و الكبر، و أمثال هذا من رعونات النفس، يقال: فنى عن سوء الخلق.