responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود    جلد : 1  صفحه : 76

العين من الممكن فيه و تفنى عن نفسها، فلا تعرف أنها محبة له سبحانه، أو تفنى عنه بنفسها مع كونها على هذه الحالة، فلا تعرف أنها مظهر له سبحانه، و تجد من نفسها أنها تحب نفسها، فإن كل شي‌ء مجبول على حب نفسه، و ما ثمّ ظاهر إلا هو في عين الممكن، فما أحب اللّه إلا اللّه، و العبد لا يتصف بالحب إذ لا حكم له فيه، فإنه ما أحبه منه سواه الظاهر فيه، و هو الظاهر، فلا تعرف أيضا أنها محبة له، فتطلبه و تحب أن تحبه، من حيث أنها ناظرة إلى نفسها بعينه، فنفس حبها أن تحبه، هو بعينه حبها له، و لهذا يوصف هذا النور بأن له أشعة أي أنه شعشعاني، لامتداده من الحق إلى عين الممكن، ليكون مظهرا له- بنصب الهاء لا اسم فاعل- فإذا جمع من هذه صفته بين المتضادات في وصفه، فذلك هو صاحب الحب الإلهي، فإنه يؤدي إلى إلحاقه بالعدم عند نفسه كما هو في نفس الأمر[1]، فعلامة الحب الإلهي حب جميع الكائنات في كل حضرة، معنوية أو حسية أو خيالية أو متخيلة، و لكل حضرة عين من اسمه النور تنظر بها إلى اسمه الجميل، فيكسوها ذلك النور حلة وجود، فكل محب ما أحب سوى نفسه، و لهذا وصف الحق نفسه بأنه يحب المظاهر، و المظاهر عدم في عين، و تعلق المحبة بما ظهر و هو الظاهر فيها، فتلك النسبة بين الظاهر و المظاهر هي الحب، و متعلق الحب إنما هو العدم، فمتعلقها هنا الدوام، و الدوام ما وقع فإنه لا نهاية له، و ما لا نهاية له لا يتصف بالوقوع. (ف ح 2/ 112)

تحقيق: لماذا يبتلي اللّه أحبابه؟

قال صلى اللّه عليه و سلم: «أشدكم بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل».

إن قلت المحبوب لا يكون معذّبا بشي‌ء، فلا بد أن يحول المحب بين ما يؤلم محبوبه و بين محبوبه، و إن لم يفعل ذلك فليس بمحب و لا ذلك محبوبا، و اللّه أحب أولياءه، و المحب لا يؤلم محبوبه، و ليس أحد بأشد ألما في الدنيا و لا بلاء من أولياء اللّه، رسلهم و أنبيائهم و أتباعهم المحفوظين المعانين على اتباعهم، فمن أي حقيقة استحقوا هذا البلاء مع كونهم محبوبين؟ قلنا: إن البلاء لا يكون أبدا إلا مع الدعوى، فمن لم يدع أمرا لا يبتلى بإقامة الدليل على صدق دعواه، فلو لا الدعوى ما وقع البلاء، فلما أحب اللّه من أحب من عباده،


[1] - يريد قوله تعالى: كُلُّ شَيْ‌ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ‌، و قول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:« أصدق ما قالت العرب قول لبيد- ألا كل شي‌ء ما خلا اللّه باطل-» و الباطل هو العدم.

نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود    جلد : 1  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست