نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 71
الشهية، إلى المعدة الغيبية، و امتزجت مع
الرطوبات التي فيها القبلية[1] و دفعتها
إلى بيت الكبد، المودع في الجسد، و اختلطت رطوبة ريق المعشوق، بأجزاء الدم، و
انتشرت بين الجلد و اللحم في العروق، فكانت منها حياة ذلك الجسد، و عمارة ذلك
البلد، فإن روح الحياة في هذه الأشباح، و هو المعبر عنه بالأرواح، و مادته من
الاستنشاق الهوائي بالقوة الشمية، لترويح الحرارة التي في القلب الغريزية، فلو لا
هذا التبريد، لوقع التبديد، و كذلك إذا تنفس الحبيبان مكافحة، و تنهدا مناوحة، خرج
من ذلك التنفس شيء من نسيم الروح، فاختلط بأجزاء الهواء، فدخل إلى خياشمهما على
السواء، فسرى في أجسامهما علوا و سفلا، سريان النور في البلور، على طريق الرئة و
الحلقوم إلى القلب، و التحق بعالم الغيب، فدب مع النبض و العروق الضوارب، و اختلط
بالدم و اللحم في جميع المضارب، فانعقد في بدن هذا، ما تحلل من بدن هذا، فصار له
روحا، و الجسم له ضريحا، و لما كان الروح الذي هو الحياة أحب شيء للإنسان، صار
هذا المعشوق أحب شيء إليه في الأعيان، لاتحاد أرواحهما في الجثمان، و إلى هنا
انتهى عقل العقلاء، و نظر أهل المودة و الصفاء، و ما قدر أحد أن يزيد عليه معنى
يحقق به قوله و دعواه، فإن الاعتراض منوط بفحواه، فزدنا بحمد اللّه عليهم في
المسألة إيضاحا، و جعلنا له الإشارة عليه مفتاحا، فاعلم أن النفس و الريق إنما
يجريان بحسب ما استقر في القلب استقرار الاستفراغ، و انتهى فيه غاية البلاغ،
فحينئذ يكون ما قالوه، و يظهر ما أخبروا به و سطروه، كما حكي عن الحلاج أنه انكتب
من دمه اسم المحبوب، و كذلك زليخا حين فصدت وقع دمها في الطست فكتب يوسف بن يعقوب،
فالذي يكون في القلب يظهر بتزيد كائنا ما كان، حتى يذهب من الأذهان، و صح للمحب أن
يقول: أنا من أهوى و من أهوى أنا؛ يقول المحب الإلهي: وجدي إنما هو عليّ، و عشقي
إنما هو فيّ، و ولهي إنما هو بي، ففيّ أهلك ولي أملك، فأنا المحب المحبوب، و أنا
العاشق المعشوق، و أنا طالب الحق الذي توجهت عليّ الحقوق. (ف ح 2/ 334- تاج
الرسائل)
المرتبة الثالثة: الحب الإلهي:
الحب الإلهي هو حب اللّه العبد و حب العبد ربه، كما قال تعالى: يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ و
نهايته من الطرفين أن يشاهد العبد كونه مظهرا للحق، و هو لذلك الحق الظاهر كالروح