نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 132
القلب، الذي هو محل خروج النفس و انبعاثه،
فيظهر عنه جميع الحروف، كما يظهر العالم بالتكوين عن قول «كن»، فإذا تجلى الحق من
قلب المحب، و نظرت إليه عين البصيرة- لأن القلب وسع الحق- و رأى ما يقع من الذم
على هذه النشأة الطبيعية، و هي تحتوي على هذه الأسرار الإلهية، و أنها من نفس
الرحمن ظهرت في الكون، فذمت و جهل قدرها، فكثر منه التأوه لهذه القادحة، لما يرى
في ذلك من الوضوح و الجلاء، و الناس في عماية عن ذلك لا يبصرون، فيتأوه غيرة على
اللّه، و شفقة على المحبوبين، لكون النبي صلى اللّه عليه و سلم جعل كمال الإيمان
في المؤمن أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه، فلهذا يتأسف على من حرمه اللّه هذا الشهود،
و يتأوه لحبه في محبوبه، من أجل ما يراه من عمى الخلق عنه، و من شأن المحب الشفقة
على المحبوب، لأن الحب يعطي ذلك. (ف ح 2/ 352)
المحب يستريح إلى كلام محبوبه و ذكره بتلاوة ذكره:
قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ فسمى كلامه ذكرا، فاعلم أن أصل وجود الكون لم يكن عن صفة إلهية إلا
عن صفة الكلام خاصة، فإن الكون لم يعلم منه إلا كلامه، و هو الذي سمع فالتذ في
سماعه، فلم يتمكن له إلا أن يكون، و لهذا السماع مجبول على الحركة و الاضطراب و
النقلة في السامعين، لأن السامع عند ما سمع قول «كن» انتقل و تحرك من حال العدم
إلى حال الوجود، فتكوّن، فمن هنا أصل حركة أهل السماع، و هم أصحاب وجد، و لا يلزم
فيمن؟ فإن الوجد لذاته يقتضي ما يقتضي، و إنما المحبوب يختلف، فمن هناك استراح
المحبون إلى كلام المحبوب و ذكره، و القرآن كلامه و هو ذكر، فلا يؤثرون شيئا على
تلاوته، لأنهم ينوبون فيه عنه، فكأنه المتكلم، كما قال:
فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ و
التالي إنما هو محمد صلى اللّه عليه و سلم، فأهل القرآن هم أهل اللّه و خاصته، فهم
الأحباب المحبون، فيا أيها المدعي حبه تعالى، ما لك تتغنى بغير كلامه و هو الذي
سواك و عدلك؟! و ما لك تسمع و تصغى إلى غير خطابه و هو الذي اصطفاك و فضلك؟! و ما
لك تلحظ غير ذاته و هو الذي قد فطرك على الصورة؟! و ما لك تتعشق بغير جماله و هو
الذي أنار بسريرة العشق منك السريرة؟! فمهما أراد المحب أن ينطق فباسم الحبيب، و
مهما أراد أن يسمع فكلام الحبيب، و كلما أراد أن ينظر فإلى وجه الحبيب، من نظر إلى
غير وجه محبوبه هلك و تلف، و من سمع غير كلام معشوقه ندم و أسف. (ف ح 2/ 352- تاج
الرسائل)
نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 132