نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 110
و لا يشكو تعبا، فإن إرادته عين إرادة محبوبه،
فقد اتفق له جميع ما يريد، و من اتفق له مراده فهو مسرور، فإن باطن الإنسان- و هو
الذي رزقه اللّه الالتذاذ بالطاعات- تصرّفه المحبة، فلا يحس المحب بالمشقة و لا
بالتعب في رضى المحبوب، و إن كان بناء هذا الهيكل يضعف عن بعض التكاليف، فإن الحب
يهونه و يسهله، فالمحب يتلقى بالحب تكاليف محبوبه، بالقبول و الرضى و المحبة و رفع
المشقة و الكلفة، فالمحب كلما فرغ نصب، لا يعرف التعب، روحه عطية، و بدنه مطية، لا
يعلم شيئا سوى ما في نفس محبوبه، قرير العين متحر لمراضيه.
هو نعت صحيح في أرواح المحبين و أجسامهم، أما في أجسامهم، فسببه ترك
ملاذ الأطعمة الشهية التي لها الدسم و الرطوبة، و هي مستلذة للنفوس و تورث في
الأجسام نضرة النعيم، فلما رأوا- رضي اللّه عنهم- أن الحبيب كلفهم القيام بين يديه
و مناجاته ليلا، عند تجليه و نوم النائمين، و رأوا أن الرطوبات الحاصلة في
أجسامهم، تصعد منها أبخرة إلى الدماغ، تخدر الحواس و تغمرها، فيغلبهم النوم عما في
نفوسهم من القيام بين يدي محبوبهم، لمناجاته في خلواتهم حين ينامون، ثم إن تلك
الأبخرة تورث قوة في أبدانهم، تؤدي