نام کتاب : التأويل في مختلف المذاهب و الآراء نویسنده : المعرفت، الشيخ محمد هادي جلد : 1 صفحه : 34
بقي من
القرآن شيء، و لكن القرآن يجري أوّله على آخره ما دامت السماوات و الأرض، و لكلّ
قوم آية يتلونها، هم منها من خير أو شرّ»[1].
و
عليه، فإنّ للقرآن ظهرا حسب التنزيل و بطنا حسب التأويل، و إنّما عبّر عنه بالبطن؛
لأنّ هذا المعنى العامّ قد استبطنته الآية و استخلصت من طيّها استخلاصا، و ذلك
بإعفاء جوانب الآية الخاصّة، و ملابساتها التي كانت تجعل من الآية خاصّة بمورد
نزولها، لكنّها لم تكن ذات مدخليّة في هدف الآية العامّ، فبهذا الإعفاء و ذاك
الاستخلاص يبدو وجه الآية العامّ، و تصبح ذات رسالة خالدة و شاملة.
و
إلى هذا المعنى لعلّه يشير الحديث الوارد: «نزل القرآن بإيّاك أعني و اسمعي يا
جارة»[2]. أي أنّ
الخطاب و إن كان بظاهره خاصّا، لكنّه في واقع أمره عامّ يشمل الحاضرين و الغائبين
على حدّ سواء.
خذ
لذلك مثلا قوله تعالى: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا
رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا
تَعْلَمُونَ[3]،
نزلت بشأن المشركين حيث تشكيكهم في موضع الرسول: هل يصحّ أن يكون بشرا؟!
فالآية
بمفادها الظاهري- حسب تنزيلها- نزلت بشأن إزاحة علّة المشركين بالذات، لكنّها
بفحواها العامّ المطويّ تعمّ كلّ جاهل بأصول الديانة أو فروع أحكامها، فعليه أن
يراجع العلماء في ذلك، و هذه هي رسالة الآية الخالدة، و من ثم فهي مستند عقلاني و
حياني، يحتجّ بها الأكابر في كافّة الأصقاع و الأعصار على ضرورة رجوع العامّة إلى
ذوي الاختصاص في كافّة العلوم و المعارف.