نام کتاب : التأويل في مختلف المذاهب و الآراء نویسنده : المعرفت، الشيخ محمد هادي جلد : 1 صفحه : 32
هذا الكلام
صدر يوم كان علماء الأمة على مطالع الفكر الديني، و النظر في أصول معارف الإسلام،
فقد كانوا في بدء الأمر و لم يكونوا قد سبروا و تعمّقوا، و من ثمّ لم يكونوا على
استعداد لفهم كنه الأوصاف و وجه الاتّصاف، فكان عليهم أن يقتصروا على ظاهر
التعبير- و الحال هذه- كي يتمرّنوا على طول الأيّام، و ليتأهّبوا للحصول على دقيق
النظر، و الوصول إلى صميم الفكر.
فقد
كانت سورة التوحيد و الآيات الستّ من أوّل سورة الحشر هي مجموعة صفات الجمال و
الجلال، قد حرموا عن دقيق فهمها يومذاك؛ لفقدهم الصلاحية و الاستعداد اللازم. أمّا
بعد أن توسّعت فكرتهم، و تعمّقت نظرتهم، فهم على أهبّة من سبر أغوارها و فهم
حقائقها، و عليه فلا منافاة بين القدح للتعمّق يومذاك حيث لم يستعدّوا له، و المدح
عليه بعدئذ حيث تواجد الصلاحيّة و الاستعداد، و توفّر القابليّات.
و
بذلك تبيّن أنّ المدح على التعمّق إنّما هو حيث توافر الصلاحيّة و لو في الصدر
الأوّل، حيث العلماء النبهاء، و أوّل الراسخين و أفضلهم هو رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و اله، كان يعلم التأويل قطعيّا، حيث كان المرجع الأعلى لتبيين الذكر الحكيم،
ثمّ الكبار من صحابته، و أمثلهم ابن عبّاس الذي كان ممّن يعلم تأويله[1]،
ناهيك عن العترة الطاهرة الذين هم مراجع الأمّة بعد الرسول صلّى اللّه عليه و اله.
و
يدلّك على ذلك حديث الثقلين، و قد سأل عبيدة السلماني و علقمة بن قيس و الأسود بن
يزيد النخعي الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: من ذا يسألونه عمّا إذا أشكل
عليهم فهم معاني القرآن؟ فقال عليه السّلام: «سلوا عن ذلك آل محمّد»[2].
و
قال الإمام أبو جعفر الباقر عليه السّلام لعمرو بن عبيد: «فإنّما على الناس أن
يقرأوا القرآن كما أنزل، فإذا احتاجوا إلى تفسيره فالاهتداء بنا و إلينا يا عمرو!»[3]