أَرْجُو الْفَوْزَ بِالْمَغَانِمِ وَ بِالتَّوَاضُعِ فِي الدُّنْيَا أَرْجُو الرِّفْعَةَ عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَعْزِلَ نَفْسِي عَنِ الْخِلَافَةِ وَ أَجْعَلَهَا لَكَ وَ أُبَايِعَكَ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْخِلَافَةُ لَكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَخْلَعَ لِبَاساً أَلْبَسَكَهُ اللَّهُ وَ تَجْعَلَهُ لِغَيْرِكَ وَ إِنْ كَانَتِ الْخِلَافَةُ لَيْسَتْ لَكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَجْعَلَ لِيَ مَا لَيْسَ لَكَ فَقَالَ الْمَأْمُونُ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ قَبُولِ هَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ لَسْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ طَائِعاً أَبَداً فَمَا زَالَ يَجْهَدُ بِهِ أَيَّاماً وَ الْفَضْلُ وَ الْحَسَنُ يَأْتِيَانِهِ حَتَّى يَئِسَ مِنْ قَبُولِهِ فَقَالَ فَكُنْ وَلِيَّ عَهْدِي فَقَالَ الرِّضَا وَ اللَّهِ لَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنِّي أَخْرُجُ مِنَ الدُّنْيَا قَبْلَكَ مَقْتُولًا بِالسُّمِّ مَظْلُوماً تَبْكِي عَلَيَّ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ أُدْفَنُ فِي أَرْضِ غُرْبَةٍ إِلَى جَنْبِ هَارُونَ فَقَالَ وَ مَنِ الَّذِي يَقْتُلُكَ أَوْ يَقْدِرُ عَلَى الْإِسَاءَةِ إِلَيْكَ وَ أَنَا حَيٌّ قَالَ أَمَا إِنِّي لَوْ أَشَاءُ أَنْ أَقُولَ مَنِ الَّذِي يَقْتُلُنِي لَقُلْتُ فَقَالَ إِنَّمَا تُرِيدُ التَّخْفِيفَ عَنْ نَفْسِكَ بِهَذَا قَالَ وَ إِنِّي لَأَعْلَمُ مَا تُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ تَقُولُ لِلنَّاسِ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى لَمْ يَزْهَدْ فِي الدُّنْيَا بَلِ الدُّنْيَا زَهِدَتْ فِيهِ أَ لَا تَرَوْنَ كَيْفَ قَبِلَ وِلَايَةَ الْعَهْدِ طَمَعاً فِي الْخِلَافَةِ فَقَالَ الْمَأْمُونُ إِنَّ عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ جَعَلَ الشُّورَى فِي سِتَّةِ نَفَرٍ وَ شَرَطَ فِيمَنْ خَالَفَ مِنْهُمْ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ فَبِاللَّهِ أُقْسِمُ لَئِنْ قَبِلْتَ وِلَايَةَ الْعَهْدِ وَ إِلَّا أَجْبَرْتُكَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلْتَ وَ إِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَكَ فَقَالَ الرِّضَا ع إِنَّ اللَّهَ نَهَانِي أَنْ أُلْقِيَ بِيَدِي إِلَى التَّهْلُكَةِ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى هَذَا فَافْعَلْ مَا بَدَا لَكَ وَ أَنَا أَقْبَلُ وَلَايَةَ الْعَهْدِ عَلَى أَنَّنِي لَا آمُرُ وَ لَا أَنْهَى وَ لَا أُفْتِي وَ لَا أَقْضِي وَ لَا أُوَلِّيَ وَ لَا أَعْزِلُ وَ لَا أُغَيِّرُ شَيْئاً مِمَّا هُوَ قَائِمٌ فَأَجَابَهُ الْمَأْمُونُ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَ خَرَجَ ذُو الرِّئَاسَتَيْنِ قَائِلًا وَا عَجَبَا وَ قَدْ رَأَيْتُ عَجَباً رَأَيْتُ الْمَأْمُونَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُفَوِّضْ أَمْرَ الْخِلَافَةِ إِلَى الرِّضَا وَ رَأَيْتُ الرِّضَا يَقُولُ لَا طَاقَةَ لِي بِذَلِكَ وَ لَا قُوَّةَ لِي عَلَيْهِ فَمَا رَأَيْتُ خِلَافَةً قَطُّ كَانَتْ أَضْيَعَ مِنْهُ ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ الْفَضْلُ فَأَعْلَمَ النَّاسَ بِرَأْيِ الْمَأْمُونِ فِي عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا ع وَ أَنَّهُ قَدْ وَلَّاهُ عَهْدَهُ وَ سَمَّاهُ الرِّضَا.
العوني
ذاك الذي آثره المأمون
بالعهد و سماه الرضا لما اختبر-
وَ أَمَرَهُمْ بِلُبْسِ الْخُضْرَةِ وَ الْعَوْدِ لِبَيْعَتِهِ فِي الْخَمِيسِ عَلَى أَنْ يَأْخُذُوا أَرْزَاقَ سَنَةٍ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ جَلَسَ الْمَأْمُونُ وَ الرِّضَا فِي الْخُضْرَةِ ثُمَّ أَمَرَ ابْنَهُ الْعَبَّاسَ بْنَ الْمَأْمُونِ