مِنْ بَعْدِهِ فَصَرَّحْتَ بِنَمِيمَةِ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ وَ أَبِي عُبَيْدَةَ وَ غَيْرِهِمْ فَكَرِهْتُ ذَلِكَ لَكَ لِأَنَّ الْأُمَّةَ قَدْ عَلِمَتْ أَنَّ قُرَيْشاً أَحَقُّ بِهَا وَ قَدْ عَلِمْتَ مَا جَرَى مِنْ أَمْرِ الْحَكَمَيْنِ فَكَيْفَ تَدْعُونِي إِلَى أَمْرٍ إِنَّمَا تَطْلُبُهُ بِحَقِّ أَبِيكَ وَ قَدْ خَرَجَ أَبُوكَ مِنْهُ.
ثُمَّ كَتَبَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ فِي عِبَادِهِ مَا يَشَاءُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَ هُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ فَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ مَنِيَّتُكَ عَلَى يَدَيْ رِعَاعِ النَّاسِ وَ آيِسْ مِنْ أَنْ تَجِدَ فِينَا غَمِيزَةً وَ إِنْ أَنْتَ أَعْرَضْتَ عَمَّا أَنْتَ فِيهِ وَ بَايَعْتَنِي وَفَيْتُ لَكَ بِمَا وَعَدْتُ وَ أَجَزْتُ لَكَ مَا شَرَطْتَ وَ أَكُونُ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ أَعْشَى بْنُ قَيْسٍ
وَ إِنْ أَحَدٌ أَسْدَى إِلَيْكَ كَرَامَةً
فَأَوْفِ بِمَا يُدْعَى إِذَا مِتَّ وَافِياً[1]
فَلَا تَحْسُدُوا الْمَوْلَى إِذَا كَانَ ذَا غِنًى
وَ لَا تُجْفِهِ إِنْ كَانَ لِلْمَالِ نَائِياً
ثُمَّ الْخِلَافَةُ لَكَ بَعْدِي وَ أَنْتَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَا وَ فِي رِوَايَةٍ- وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّكَ أَقْوَى لِلْأَمْرِ وَ أَضْبَطُ لِلنَّاسِ وَ أَكْبَتُ لِلْعَدُوِّ وَ أَقْوَى عَلَى جَمْعِ الْأَمْوَالِ مِنِّي لَبَايَعْتُكَ لِأَنَّنِي أَرَاكَ لِكُلِّ خَيْرٍ أَهْلًا ثُمَّ قَالَ إِنَّ أَمْرِي وَ أَمْرَكَ شَبِيهٌ بِأَمْرِ أَبِي بَكْرٍ وَ أَبِيكَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص.
فَأَجَابَهُ الْحَسَنُ ع أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ وَصَلَ إِلَيَّ كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِيهِ مَا ذَكَرْتَ وَ تَرَكْتُ جَوَابَكَ خَشْيَةَ الْبَغْيِ وَ بِاللَّهِ أَعُوذُ مِنْ ذَلِكَ فَاتَّبِعِ الْحَقَّ فَإِنَّكَ تَعْلَمُ مَنْ أَهْلُهُ وَ عَلَيَّ إِثْمُ أَنْ أَقُولَ فَأَكْذِبَ.
وَ اسْتَنْفَرَ مُعَاوِيَةُ النَّاسَ فَلَمَّا بَلَغَ جِسْرَ مَنْبِجٍ[2] بَعَثَ الْحَسَنُ ع حُجْرَ بْنَ عَدِيٍّ وَ اسْتَنْفَرَ النَّاسَ لِلْجِهَادِ فَتَثَاقَلُوا ثُمَّ خَفَّ مَعَهُ أَخْلَاطٌ مِنْ شِيعَتِهِ وَ مُحَكِّمَةٌ وَ شُكَّاكٌ وَ أَصْحَابُ عَصَبِيَّةٍ وَ فِتَنٍ حَتَّى أَتَى حَمَّامَ عُمَرَ[3] ثُمَّ أَخَذَ عَلَى دَيْرِ كَعْبٍ فَنَزَلَ سَابَاطَ فَلَمَّا أَصْبَحَ نُودِيَ بِ الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَاجْتَمَعُوا فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ وَ قَالَ تَجْرِبَةً لَهُمْ أَمَّا بَعْدُ فَوَ اللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ قَدْ أَصْبَحْتُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَ مَنِّهِ وَ أَنَا أَنْصَحُ خَلْقِ اللَّهِ لِخَلْقِهِ وَ مَا أَصْبَحْتُ مُحْتَمِلًا عَلَى مُسْلِمٍ ضَغِينَةً وَ لَا مُرِيداً لَهُ بِسُوءٍ وَ لَا غَائِلَةٍ أَلَا وَ إِنَ
[1] أسدى إليه: احسن.
[2] منبج بالفتح ثمّ السكون و باء موحدة مكسورة و جيم: بلد من بلاد الشام و قيل ان اول من بناها كسرى لما غلب على الشام. و منه الى حلب عشرة فراسخ.
[3] لم اظفر بذكر موضع يسمى بحمام عمر و لا بما يضاهيها في الصورة في معجم البلدان و غيره من الكتب المدونة في ذلك العلم.