حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ بِالْإِسْنَادِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ سَمِعَ عَصَافِيرَ يَصِحْنَ قَالَ أَ تَدْرِي يَا أَبَا حَمْزَةَ مَا يَقُلْنَ قُلْتُ لَا قَالَ يُسَبِّحْنَ رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ وَ يَسْأَلْنَ قُوتَ يَوْمِهِنَّ.
جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ قَالَ: مَرَرْتُ بِمَجْلِسِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ بِمَا ذَا فَضَلَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثُمَّ أَتَيْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ فَلَمَّا بَصُرَنِي ضَحِكَ إِلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا جَابِرُ اقْعُدْ فَإِنَّهُ أَوَّلُ دَاخِلٍ يَدْخُلُ عَلَيْكَ فِي هَذَا الْبَابِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ فَجَعَلْتُ أَرْمُقُ بِبَصَرِي[1] نَحْوَ الْبَابِ وَ أَنَا مُصَدِّقٌ لِمَا قَالَ سَيِّدِي إِذْ أَقْبَلَ يَسْحَبُ أَذْيَالَهُ فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ بِمَا ذَا فَضَلَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِنَّ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَلَدَاهُ وَ قَدْ وَلَدَانِي[2] ثُمَّ قَالَ يَا جَابِرُ احْفِرْ حُفَيْرَةً وَ امْلَأْهَا حَطَباً جَزْلًا[3] وَ أَضْرِمْهَا نَاراً قَالَ جَابِرٌ فَفَعَلْتُ فَلَمَّا أَنْ رَأَى النَّارَ قَدْ صَارَتْ جَمْراً أَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ إِنْ كُنْتَ حَيْثُ تَرَى فَادْخُلْهَا لَنْ تَضُرَّكَ فَقَطَعَ بِالرَّجُلِ فَتَبَسَّمَ فِي وَجْهِي ثُمَّ قَالَ يَا جَابِرُ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ.
أَبُو حَمْزَةَ أَنَّهُ رَكِبَ أَبُو جَعْفَرٍ إِلَى حَائِطٍ لَهُ فَسَأَلَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ هَلْ يَعْلَمُ الْإِمَامُ مَا فِي يَوْمِهِ فَقَالَ يَا سُلَيْمَانُ وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالنُّبُوَّةِ وَ اصْطَفَاهُ بِالرِّسَالَةِ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ مَا فِي يَوْمِهِ وَ مَا فِي شَهْرِهِ وَ مَا فِي سَنَتِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ السَّاعَةَ يَسْتَقْبِلُكَ رَجُلَانِ قَدْ سَرَقَا سَرِقَةً قَدْ أَضْمَرَا عَلَيْهَا فَاسْتَقْبَلَنَا الرَّجُلَانِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ سَرَقْتُمَا فَحَلَفَا لَهُ بِاللَّهِ أَنَّهُمَا مَا سَرَقَا فَقَالَ وَ اللَّهِ لَئِنْ أَنْتُمَا لَمْ تُخْرِجَا مَا سَرَقْتُمَا لَأَبْعَثَنَّ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعْتُمَا فِيهِ سَرِقَتَكُمَا وَ لَأَبْعَثَنَّ إِلَى صَاحِبِكُمَا الَّذِي سَرَقْتُمَا مِنْهُ حَتَّى يَجِيءَ يَأْخُذُكُمَا وَ يَرْفَعُكُمَا إِلَى وَالِي الْمَدِينَةِ ثُمَّ أَمَرَ غِلْمَانَهُ أَنْ يَسْتَوْثِقُوا مِنْهُمَا قَالَ فَانْطَلِقْ أَنْتَ يَا سُلَيْمَانُ إِلَى ذَلِكَ الْجَبَلِ فَاصْعَدْ أَنْتَ وَ هَؤُلَاءِ الْغِلْمَانُ فَإِنَّ فِي قُلَّةِ الْجَبَلِ كَهْفاً فَادْخُلْ أَنْتَ فِيهِ بِنَفْسِكَ حَتَّى تَسْتَخْرِجَ مَا فِيهِ وَ تَدْفَعَهُ إِلَى مَوْلَايَ هَذَا فَإِنَّ فِيهِ سَرِقَةً لِرَجُلٍ آخَرَ وَ سَوْفَ يَأْتِي فَانْطَلَقْتُ وَ اسْتَخْرَجْتُ عَيْبَتَيْنِ وَ أَتَيْتُ بِهِمَا أَبَا جَعْفَرٍ فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ وَ قَدْ أُخِذَ جَمَاعَةٌ بِالسَّرِقَةِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ إِنَّ هَؤُلَاءِ بُرَآءُ وَ لَيْسُوا هُمْ بِسُرَّاقَةٍ عِنْدِي
[1] رمقه: لحظه لحظا خفيفا.
[2] هذا حكاية قول عبد اللّه.
[3] الجزل بسكون الزاء: الغليظ العظيم.