تِلْكَ الْجِبَالِ كَالْعَمَائِمِ عَلَى قِمَمِ الرِّجَالِ وَ قَدْ صَاعَدَ كَفَّهُ وَ طَرْفَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَ يَدْعُو فَلَمَّا انْثَالَ النَّاسُ عَلَيْهِ يَسْتَفْتُونَهُ عَنِ الْمُعْضِلَاتِ وَ يَسْتَفْتِحُونَ أَبْوَابَ الْمُشْكِلَاتِ فَلَمْ يَرِمْ حَتَّى أَفْتَاهُمْ فِي أَلْفِ مَسْأَلَةٍ ثُمَّ نَهَضَ يُرِيدُ رَحْلَهُ وَ مُنَادٍ يُنَادِي بِصَوْتٍ صَهِلٍ أَلَا إِنَّ هَذَا النُّورُ الْأَبْلَجُ[1] الْمُسْرَجُ وَ النَّسِيمُ الْأَرِجُ وَ الْحَقُّ الْمَرْجُ[2] وَ آخَرُونَ يَقُولُونَ مَنْ هَذَا فَقِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ عَلَمُ الْعِلْمِ النَّاطِقُ عَنِ الْفَهْمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَصِيرٍ أَلَا إِنَّ هَذَا بَاقِرُ عِلْمِ الرُّسُلِ وَ هَذَا مُبَيِّنُ السُّبُلِ وَ هَذَا خَيْرُ مَنْ رَسَخَ فِي أَصْلَابِ أَصْحَابِ السَّفِينَةِ هَذَا ابْنُ فَاطِمَةَ الْغَرَّاءِ الْعَذْرَاءِ الزَّهْرَاءِ هَذَا بَقِيَّةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ هَذَا نَامُوسُ الدَّهْرِ هَذَا ابْنُ مُحَمَّدٍ وَ خَدِيجَةَ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ هَذَا مَنَارُ الدِّينِ الْقَائِمَةُ.
وَ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِ أَنَّهُ لَمَّا شَكَتِ الشِّيعَةُ إِلَى زَيْنِ الْعَابِدِينَ ع مِمَّا يَلْقَوْنَهُ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ دَعَا الْبَاقِرُ ع وَ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْخَيْطَ الَّذِي نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ إِلَى النَّبِيِّ ص وَ يُحَرِّكَهُ تَحْرِيكاً قَالَ فَمَضَى إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ وَضَعَ خَدَّهُ عَلَى التُّرَابِ وَ تَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَخْرَجَ مِنْ كُمِّهِ خَيْطاً دَقِيقاً يَفُوحُ مِنْهُ رَائِحَةُ الْمِسْكِ وَ أَعْطَانِي طَرَفاً مِنْهُ فَمَشَيْتُ رُوَيْداً فَقَالَ قِفْ يَا جَابِرُ فَحَرَّكَ الْخَيْطَ تَحْرِيكاً لَيِّناً خَفِيفاً ثُمَّ قَالَ اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا حَالُ النَّاسِ قَالَ فَخَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَإِذَا صِيَاحٌ وَ صُرَاخٌ وَ وَلْوَلَةٌ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَ إِذَا زَلْزَلَةٌ شَدِيدَةٌ وَ هَدَّةٌ وَ رَجْفَةٌ[3] قَدْ أَخْرَبَتْ عَامَّةَ دُورِ الْمَدِينَةِ وَ هَلَكَ تَحْتَهَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفَ إِنْسَانٍ ثُمَّ صَعِدَ الْبَاقِرُ ع الْمَنَارَةَ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَلَا يَا أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ قَالَ فَظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ فَخَرُّوا لِوُجُوهِهِمْ وَ طَارَتْ أَفْئِدَتُهُمْ وَ هُمْ يَقُولُونَ فِي سُجُودِهِمْ الْأَمَانَ الْأَمَانَ وَ أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِ وَ لَا يَرَوْنَ الشَّخْصَ ثُمَّ قَرَأَ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ أَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ قَالَ فَلَمَّا نَزَلَ مِنْهَا وَ خَرَجْنَا مِنَ الْمَسْجِدِ سَأَلْتُهُ عَنِ الْخَيْطِ قَالَ هَذَا مِنَ الْبَقِيَّةِ قُلْتُ وَ مَا الْبَقِيَّةُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ يَا جَابِرُ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ
[1] الصهل محركة: حدة الصوت مع بحج. و الابلج: الواضح و المضىء.
[2] الارج: الذي تفوح منه رائحة طيبة. و المرج بكسر الراء وصف مأخوذ من المرج بالتحريك بمعنى الفساد اي انه( ع) حق مضيع.
[3] الرجفة اسم المرة من الرجف: الزلزلة.