إِنْ تُنْكِرُونِي فَأَنَا ابْنُ حَيْدَرَهْ
ضِرْغَامُ آجَامٍ وَ لَيْثٌ قَسْوَرَهْ
عَلَى الْأَعَادِي مِثْلُ رِيحٍ صَرْصَرَهْ
أَكِيلُكُمْ بِالسَّيْفِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ-
ثُمَّ تَقَدَّمَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَكْبَرُ ع وَ هُوَ ابْنُ ثَمَانَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ يُقَالُ ابْنُ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ وَ كَانَ يُشْبِهُ بِرَسُولِ اللَّهِ ص خَلْقاً وَ خُلُقاً وَ نُطْقاً وَ جَعَلَ يَرْتَجِزُ وَ يَقُولُ
أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍ
مِنْ عَصَبَةٍ جَدُّ أَبِيهِمْ النَّبِيُ
نَحْنُ وَ بَيْتِ اللَّهِ أَوْلَى بِالْوَصِيِ
وَ اللَّهِ لَا يَحْكُمُ فِينَا ابْنُ الدَّعِيِ
أَضْرِبُكُمْ بِالسَّيْفِ أَحْمِي عَنْ أَبِي
أَطَعْنُكُمْ بِالرُّمْحِ حَتَّى يَنْثَنِيَ
طَعْنَ غُلَامٍ هَاشِمِيٍّ عَلَوِيٍ
فَقَتَلَ سَبْعِينَ مُبَارزا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِيهِ وَ قَدْ أَصَابَتْهُ جِرَاحَاتٌ فَقَالَ يَا أَبَتِ الْعَطَشُ فَقَالَ الْحُسَيْنُ ع يَسْقِيكَ جَدُّكَ فَكَرَّ أَيْضاً عَلَيْهِمْ وَ هُوَ يَقُولُ
الْحَرْبُ قَدْ بَانَتْ لَهَا حَقَائِقُ
وَ ظَهَرَتْ مِنْ بَعْدِهَا مَصَادِقُ
وَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ لَا نُفَارِقُ
جُمُوعَكُمْ أَوْ تُغْمَدَ الْبَوَارِقُ[1]
فَطَعَنَهُ مُرَّةُ بْنُ مُنْقِذٍ الْعَبْدِيُّ عَلَى ظَهْرِهِ غَدْراً فَضَرَبُوهُ بِالسَّيْفِ فَقَالَ الْحُسَيْنُ عَلَى الدُّنْيَا بَعْدَكَ الْعَفَا وَ ضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ وَ أَتَى بِهِ إِلَى بَابِ الْفُسْطَاطِ فَصَارَتْ أُمُّهُ شَهْرَبَانُويَهْ وَ لَهِيَ تَنْظُرُ إِلَيْهِ وَ لَا تَتَكَلَّمُ فَبَقِيَ الْحُسَيْنُ وَحِيداً وَ فِي حَجْرِهِ عَلِيٌّ الْأَصْغَرُ فَرُمِيَ إِلَيْهِ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ حَلْقَهُ فَجَعَلَ الْحُسَيْنُ ع يَأْخُذُ الدَّمَ مِنْ نَحْرِهِ فَيَرْمِيهِ إِلَى السَّمَاءِ فَمَا يَرْجِعُ مِنْهُ شَيْءٌ وَ يَقُولُ لَا يَكُونُ أَهْوَنَ عَلَيْكَ مِنْ فَصِيلٍ ثُمَّ قَالَ ع ائْتُونِي بِثَوْبٍ لَا يُرْغَبُ فِيهِ أَلْبَسُهُ غَيْرِ ثِيَابِي لَا أُجَرَّدُ فَإِنِّي مَقْتُولٌ مَسْلُوبٌ فَأَتَوْهُ بِتُبَّانٍ[2] فَأَبَى أَنْ يَلْبَسَهُ وَ قَالَ هَذَا لِبَاسُ أَهْلِ الذِّمَّةِ ثُمَّ أَتَوْهُ بِشَيْءٍ أَوْسَعَ مِنْهُ دُونَ السَّرَاوِيلِ وَ فَوْقَ التُّبَّانِ فَلَبِسَهُ ثُمَّ وَدَّعَ النِّسَاءَ وَ كَانَتْ سُكَيْنَةُ تَصِيحُ فَضَمَّهَا إِلَى صَدْرِهِ وَ قَالَ
سَيَطُولُ بَعْدِي يَا سُكَيْنَةُ فَاعْلَمِي
مِنْكِ الْبُكَاءُ إِذَا الْحَمَامُ دَهَانِي[3]
لَا تُحْرِقِي قَلْبِي بِدَمْعِكِ حَسْرَةً
مَا دَامَ مِنِّي الرُّوحُ فِي جُثْمَانِي
[1] البوارق جمع البارقة: السيف.
[2] التبان كرمان: سراويل صغير يستر العورة المغلظة( ق).
[3] الحمام: الموت. و دهى فلانا: اصابه بداهية.