فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. وَ بَرَزَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ قَائِلًا
أَ بَعْدَ عَمَّارٍ وَ بَعْدَ هَاشِمٍ
وَ ابْنِ بُدَيْلٍ صَاحِبِ الْمَلَاحِمِ
تَرْجُو الْبَقَاءَ مِنْ بَعْدُ يَا ابْنَ حَاتِمٍ
فَمَا زَالَ يُقَاتِلُ حَتَّى فُقِئَتْ عَيْنُهُ. وَ بَرَزَ الْأَشْتَرُ مُرْتَجِزاً
سِيرُوا إِلَى اللَّهِ وَ لَا تَعُوجُوا
دِينٌ قَوِيمٌ وَ سَبِيلٌ مَنْهَجٌ
وَ قَتَلَ جُنْدَبَ بْنَ زُهَيْرٍ فَلَمْ يَزَالُوا يُقَاتِلُونَ حَتَّى دَخَلَ وَقْعَةُ الْخَمِيسِ وَ هِيَ لَيْلَةُ الْهَرِيرِ وَ كَانَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ ع يَضْرِبُونَ الطُّبُولَ مِنْ أَرْبَعِ جَوَانِبِ عَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ وَ يَقُولُونَ عَلِيٌّ الْمَنْصُورُ وَ هُوَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ وَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِلَيْكَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ إِلَيْكَ أَفْضَتِ الْقُلُوبُ وَ رُفِعَتِ الْأَيْدِي وَ مُدَّتِ الْأَعْنَاقُ وَ طُلِبَتِ الْحَوَائِجُ وَ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ اللَّهُمَ افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ وَ يُنْشِدُ
اللَّيْلُ دَاجٍ وَ الْكِبَاشُ تَنْتَطِحُ
نِطَاحَ أُسْدٍ مَا أَرَاهَا تَصْطَلِحُ
مِنْهَا قِيَامٌ وَ فَرِيقٌ مُنْبَطِحٌ[1]
فَمَنْ نَجَا بِرَأْسِهِ فَقَدْ رَبِحَ
وَ كَانَ يَحْمِلُ عَلَيْهِمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَ يَدْخُلُ فِي غُمَارِهِمْ وَ يَقُولُ اللَّهَ اللَّهَ فِي الْحَرَمِ وَ الذُّرِّيَّةِ فَكَانُوا يُقَاتِلُونَ أَصْحَابَهُمْ بِالْجَهْلِ فَلَمَّا أَصْبَحَ كَانَ قَتْلَى عَسْكَرِهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ رَجُلٍ وَ قَتْلَى عَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ اثْنَيْنِ وَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ رَجُلٍ فَصَاحُوا يَا مُعَاوِيَةُ هَلَكَتِ الْعَرَبُ فَاسْتَغَاثَ هُوَ بِعَمْرٍو فَأَمَرَهُ بِرَفْعِ الْمَصَاحِفِ.
قَالَ قَتَادَةُ قَتْلَى يَوْمِ صِفِّينَ سِتُّونَ أَلْفاً وَ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ سَبْعُونَ أَلْفاً وَ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي أَنْسَابِ الْأَشْرَافِ وَ صَنَعُوا عَلَى كُلِّ قَتِيلٍ قَصَبَةً ثُمَّ عَدُّوا الْقَصَبَ.
فصل في الحكمين و الخوارج
رُوِيَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ أَنَّهُ كَانَ أَبُو مُوسَى وَ عَمْرٌو.
وَ رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ بِأَسَانِيدِهِ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي مُوسَى عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ اخْتَلَفُوا فَلَمْ يَزَلِ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ حَتَّى بَعَثُوا حَكَمَيْنِ ضَالَّيْنِ ضَلَّ مَنِ اتَّبَعَهُمَا وَ لَا تَنْفَكُّ أُمُورُكُمْ
[1] أي يلقى على وجهه.