الْمَسْجِدِ وَ قَالَتْ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكُمْ هَجَانِي فَقَالُوا لَا وَ رَبِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا هَجَاكِ فَوَلَّتْ وَ هِيَ تَقُولُ قَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنِّي ابْنَةُ سَيِّدِهَا.
الزُّهْرِيُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ الْآيَةَ[1] لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ وَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْبَلَاءُ عَمَدَ إِلَى ثَقِيفٍ بِالطَّائِفِ رَجَاءَ أَنْ يَؤُدُوهُ سَادَتُهَا عَبْدُ نَائِلٍ وَ مَسْعُودٌ وَ حَبِيبٌ بَنُو عَمْرِو بْنِ نُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ فَلَمْ يَقْبَلُوهُ وَ تَبِعَهُ سُفَهَاؤُهُمْ بِالْأَحْجَارِ وَ دَمَّوْا رِجْلَيْهِ فَخَلَصَ مِنْهُمْ وَ اسْتَظَلَّ فِي ظِلِّ حُبْلَةٍ[2] مِنْهُ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ مِنْ ضَعْفِ قُوَّتِي وَ قِلَّةِ حِيلَتِي وَ نَاصِرِي وَ هَوَانِي عَلَى النَّاسِ يَا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ فَأَنْفَذَ عُتْبَةُ وَ شَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ إِلَيْهِ بِطَبَقِ عِنَبٍ عَلَى يَدَيِ غُلَامٍ يُدْعَى عَدَّاساً وَ كَانَ نَصْرَانِيّاً فَلَمَّا مَدَّ يَدَهُ وَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ أَهْلَ هَذَا الْبَلَدِ لَا يَقُولُونَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ ع مِنْ أَيْنَ أَنْتَ قَالَ مِنْ بَلْدَةِ نَيْنَوَى فَقَالَ ع مِنْ مَدِينَةٍ الرَّجُلِ الصَّالِحِ يُونُسَ بْنِ مَتَّى قَالَ وَ بِمَا تَعْرِفُهُ قَالَ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَ اللَّهُ أَخْبَرَنِي خَبَرَ يُونُسَ- فَخَرَّ عَدَّاسٌ سَاجِداً لِرَسُولِ اللَّهِ ص وَ جَعَلَ يُقَبِّلُ قَدَمَهُ وَ هُمَا يَسِيلَانِ الدِّمَاءَ فَقَالَ عُتْبَةُ لِأَخِيهِ قَدْ أَفْسَدَ عَلَيْكَ غُلَامَكَ فَلَمَّا انْصَرَفَ عَنْهُ سَأَلَ عَنْ مَقَالَتِهِ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّهُ نَبِيٌّ صَادِقٌ فَقَالُوا إِنَّ هَذَا رَجُلٌ خَدَّاعٌ لَا يَفْتِنَنَّكَ عَنْ نَصْرَانِيَّتِكَ وَ قَالُوا لَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ نَبِيّاً لَشَغَلَتْهُ النُّبُوَّةُ عَنِ النِّسَاءِ وَ لَأَمْكَنَهُ جَمِيعُ الْآيَاتِ وَ لَأَمْكَنَهُ مَنْعُ الْمَوْتِ عَنْ أَقَارِبِهِ.
و لما مات أبو طالب و خديجة فنزل وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ الآية.
وَ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ ع فِي خَبَرٍ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ ع بِالْمَدِينَةِ أَنَّ الحيوط [الْخُيُوطَ][3] الَّتِي فِي رَأْسِكَ هِيَ الَّتِي ضَيَّقَتْ عَلَيْكَ مَكَّةَ وَ رَمَتْ بِكَ إِلَى يَثْرِبَ وَ أَنَّهَا لَا تَزَالُ بِكَ تُنَفِّرُكَ إِلَى آخِرِهِ فَكَانَ جَوَابُ النَّبِيِّ ع أَنَّ أَبَا جَهْلٍ بِالْمَكَارِهِ وَ الْعَطْبِ يَتَهَدَّدُنِي وَ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِالنَّصْرِ وَ الظَّفَرِ عَلَيْهِ يَعِدُنِي وَ خَبَرُ اللَّهِ أَصْدَقُ وَ الْقَبُولُ مِنَ اللَّهِ أَحَقُّ لَنْ يَضُرَّ مُحَمَّداً مَنْ خَذَلَهُ[4] أَوْ يَغْضَبُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ وَ يَتَفَضَّلُ بِجُودِهِ وَ كَرَمِهِ يَا أَبَا جَهْلٍ إِنَّكَ رَاسَلْتَنِي بِمَا أَلْقَاهُ فِي جِلْدِكَ الشَّيْطَانُ وَ أَنَا أُجِيبُكَ بِمَا أَلْقَاهُ فِي خَاطِرِي الرَّحْمَنُ
[1] التوبة: 120.
[2] الحبلة بالضم: الكرم او أصل من أصوله( ق).
[3] هكذا في النسخ الموجودة عندنا لكن الأصحّ: الخيوط بالخاء المعجمة كما في الاحتجاج و البحار و هو جمع الخيط بمعنى السلك و كناية عن الجنون على ما قيل.
[4] و في بعض النسخ يخذله.