حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَ كَانَ رَجُلَانِ[1] فِي سَرْحِ الْقَوْمِ فَرَأَيَا الطَّيْرَ تَحُومُ حَوْلَ الْعَسْكَرِ فَأَقْبَلَا لِيَنْظُرَا إِلَيْهِ فَإِذَا الْقَوْمُ فِي دِمَائِهِمْ وَ الْخَيْلُ وَاقِفَةٌ فَقَاتَلَهُمُ الْأَنْصَارِيُّ حَتَّى قُتِلَ وَ أَخَذُوا عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ أَسِيراً فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ مِنْ مُضَرَ أَطْلَقَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ وَ جَزَّ نَاصِيَتَهُ وَ أَعْتَقَهُ فَقَدِمَ عَمْرٌو عَلَى النَّبِيِّ ص وَ أَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ هَذَا عَمَلُ أَبِي بِرَاءٍ فَقَالَ حَسَّانُ
بَنِي أُمِّ الْبَنِينَ أَ لَمْ يَرُعْكُمْ
وَ أَنْتُمْ مِنْ ذَوَائِبِ أَهْلِ نَجْدٍ
تَهَكَّمَ عَامِرٌ بِأَبِي بِرَاءٍ
لِيَخْفِرَهُ وَ مَا خَطَأٌ كَعَمْدٍ[2]
وَ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ
لَقَدْ طَارَتْ شُعَاعاً كُلَّ وَجْهٍ[3]
خَفَارَةُ مَا أَجَارَ أَبُو بِرَاءٍ
فَلَمَّا بَلَغَ قَوْلُهُمَا إِلَيْهِ حَمَلَ عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ فَطَعَنَهُ فَخَرَّ عَنْ فَرَسِهِ فَقَالَ هَذَا عَمَلُ أَبِي بِرَاءٍ فَإِنْ مِتُّ فَدَمِي لِعَمِّي وَ إِنْ عِشْتُ فَسَأَرَى فِيهِ رأى[4] (رَأْيِي) قَالَ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي شُهَدَاءِ بِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآناً بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَ رَضِينَا عَنْهُ ثُمَّ نُسِخَتْ وَ رُفِعَتْ وَ نَزَلَ وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْآيَةَ[5].
غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ
مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ وَ إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا الْآيَةَ[6] نَزَلَتْ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَ بَنِي النَّضِيرِ لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ ع الْمَدِينَةَ صَالَحَهُ بَنُو النَّضِيرِ عَلَى أَنْ لَا يَكُونُوا لَهُ وَ لَا عَلَيْهِ فَلَمَّا غَزَا قَالُوا وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَلنَّبِيُّ الَّذِي وَجَدْنَا نَعْتَهُ فِي التَّوْرَاةِ فَلَمَّا هَزَمَ الْمُسْلِمُونَ فِي أُحُدٍ ارْتَابُوا وَ نَقَضُوا الْعَهْدَ وَ اجْتَمَعَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ فِي أَرْبَعِينَ وَ أَبُو سُفْيَانَ فِي أَرْبَعِينَ وَ تَعَاهَدَا بَيْنَ الْأَسْتَارَ وَ الْكَعْبَةِ فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ بِسُورَةِ الْحَشْرِ فَبَعَثَ النَّبِيُّ ع مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ بِقَتْلِهِ فَقَتَلَهُ بِاللَّيْلِ ثُمَّ قَصَدَ ع إِلَيْهِمْ وَ عَمَدَ عَلَى حِصَارِهِم فَضَرَبَ قُبَّتَهُ فِي بَنِي حُطَمَةَ مِنَ الْبَطْحَاءِ فَلَمَّا أَقْبَلَ اللَّيْلُ أَصَابَ الْقُبَّةَ سَهْمٌ فَحُوِّلَتِ الْقُبَّةُ إِلَى السَّفْحِ[7] وَ حَوَتْهَا الصَّحَابَةُ فَلَمَّا أَمْسَوْا فَقَدُوا عَلِيّاً ع فَقَالُوا فِي ذَلِكَ
[1] و الرجلان: عمرو بن أميّة الضمرى و رجل من الأنصار أحد بنى عمرو بن عوف.- و تحوم: اي تدور.
[2] يرعكم: اي يفزعكم.- و الذوائب جمع ذؤابة: اي المتقدم.- و التهكم اي الاستهزاء.
[3] طارت شعاعا: اي انتشرت.
[4] و في بعض النسخ: فثارى فيه راى.
[5] آل عمران: 163.
[6] البقرة: 13.
[7] سفح الجبل: اصله و أسفله.