إِلَيْهِ قَالَ إِنِّي لَوْ أَعْلَمُ أَنَّهُ حَقٌّ لَاتَّبَعْتُكَ فَقَالَ النَّبِيُّ ص أَ فَرَأَيْتَ أَنْ صَرَعْتُكَ أَ تَعْلَمُ أَنَّ مَا أَقُولُ حَقٌّ قَالَ نَعَمْ قَالَ قُمْ حَتَّى أُصَارِعَكَ قَالَ فَقَامَ إِلَيْهِ رَكَانَةُ فَصَارَعَهُ فَلَمَّا بَطَشَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ أَضْجَعَهُ قَالَ فَعُدْ فَعَادَ فَصَرَعَهُ فَقَالَ إِنَّ ذَا لَعَجَبٌ يَا قَوْمِ إِنَّ صَاحِبَكُمْ أَسْحَرُ أَهْلِ الْأَرْضِ حُرْمَتُهُ كَانَ الْقَمَرُ يُحَرِّكُ مَهْدَهُ فِي حَالِ صِبَاهُ وَ كَانَ لَا يَمُرُّ عَلَى شَجَرَةٍ إِلَّا سَلَّمَتْ عَلَيْهِ وَ لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ الذُّبَابُ وَ لَمْ تَدْنُ مِنْهُ هَامَّةٌ وَ لَا سَامَّةٌ.
مَشْيُهُ كَانَ إِذَا مَشَى عَلَى الْأَرْضِ السَّهْلَةِ لَا يَبِينُ لِقَدَمِهِ أَثَرٌ وَ إِذَا مَشَى عَلَى الصُّلْبَةِ بَانَ أَثَرُهَا هَيْبَتُهُ كَانَ عَظِيماً مَهِيباً فِي النُّفُوسِ حَتَّى ارْتَاعَتْ رُسُلُ كِسْرَى مَعَ أَنَّهُ كَانَ بِالتَّوَاضُعِ مَوْصُوفاً وَ كَانَ مَحْبُوباً فِي الْقُلُوبِ حَتَّى لَا يَقْلِيهُ[1] مُصَاحِبٌ وَ لَا يَتَبَاعَدُ عَنْهُ مُقَارِبٌ قَالَ السُّدِّيُّ قَوْلُهُ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ[2] لَمَّا ارْتَحَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ مُتَوَجِّهِينَ إِلَى مَكَّةَ قَالُوا مَا صَنَعْنَا قَتَلْنَاهُمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الشَّرِيدُ وَ تَرَكْنَاهُمْ إِذْ هَمُّوا وَ قَالُوا ارْجِعُوا فَاسْتَأْصِلُوهُمْ فَلَمَّا عَزَمُوا عَلَى ذَلِكَ أَلْقَى اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ حَتَّى رَجَعُوا عَمَّا هَمُّوا وَ رُوِيَ أَنَّ الْكُفَّارَ دَخَلُوا مَكَّةَ كَالْمُنْهَزِمِينَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ لَهُ الْكَرَّةُ عَلَيْهِمْ نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ قَوْلُهُ تَعَالَى وَ كَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ[3] وَ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ ع لَمَّا قَصَدَ خَيْبَرَ وَ حَاصَرَ أَهْلَهَا هَمَّتْ قَبَائِلُ مِنْ أَسَدٍ وَ غَطَفَانَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَكَفَّ اللَّهُ عَنْهُمْ بِإِلْقَاءِ الرُّعْبِ فِي قُلُوبِهِمْ قَوْلُهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ قَالَ ع لَمْ نَخْلُ فِي ظَفَرٍ إِمَّا فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ وَ إِمَّا فِي انْتِهَائِهِ وَ كَانَ جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرِ الْفِهْرِيُّ حَفِيظاً لِمَا يَسْمَعُ وَ يَقُولُ إِنَّ فِي جَوْفِي لَقَلْبَيْنِ أَعْقِلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَفْضَلَ مِنْ عَقْلِ مُحَمَّدٍ فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُسَمِّيهِ ذَا الْقَلْبَيْنِ فَتَلَقَّاهُ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمَ بَدْرٍ وَ هُوَ آخِذٌ بِيَدِهِ إِحْدَى نَعْلَيْهِ وَ الْأُخْرَى فِي رِجْلِهِ فَقَالَ لَهُ يَا بَا [ابْنَ] مَعْمَرٍ مَا الْخَبَرُ قَالَ انْهَزَمُوا قَالَ فَمَا حَالُ نَعْلَيْكَ قَالَ مَا شَعُرْتُ إِلَّا أَنَّهَا فِي رِجْلَيَّ لِهَيْبَةِ مُحَمَّدٍ فَنَزَلَ ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ[4].
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع
وَ يَنْصُرُ اللَّهُ مَنْ لَاقَاهُ إِنَّ لَهُ
نَصْراً يُمَثِّلُ بِالْكُفَّارِ مَا عَنَدُوا.
[1] لا يقليه. اى لا يبغضه و لا يكرهه مصاحب.
[2] آل عمران: 144.
[3] الفتح: 20.
[4] الأحزاب: 4.