قَدْرِ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ أَمَّا الْحَدِيدُ الَّذِي فِي عُنُقِهِ فَلَعَلِّي لَا أَقْدِرُ عَلَى فَكِّهِ فَيَفُكُّهُ خَالِدٌ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ فُكُّوهُ عَنْهُ فَأَنْتُمْ أَوْلَى بِهِ إِنْ كَانَ مَا تَدْعُونَهُ صَحِيحاً فَقَامَ إِلَيْهِ بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ وَ عَامِرُ بْنُ الْأَشْجَعِ فَقَالا يَا أَبَا الْحَسَنِ وَ اللَّهِ لَا يَفُكُّهُ مِنْ عُنُقِهِ إِلَّا مَنْ حَمَلَ بَابَ خَيْبَرَ بِفَرْدِ يَدٍ وَ دَحَى بِهِ وَرَاءَ ظَهْرِهِ وَ حَمَلَهُ فَجَعَلَهُ جِسْراً تَعْبُرُ النَّاسُ عَلَيْهِ وَ هُوَ فَوْقَ يَدِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَخَاطَبَهُ أَيْضاً فِيمَنْ خَاطَبَهُ فَلَمْ يُجِبْ أَحَداً إِلَى أَنْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ بِحَقِّ أَخِيكَ الْمُصْطَفَى رَسُولِ اللَّهِ إِلَّا مَا رَحِمْتَهُ وَ فَكَكْتَهُ مِنْ عُنُقِهِ فَلَمَّا سَأَلَهُ بِذَلِكَ اسْتَحَى وَ كَانَ ع كَثِيرَ الْحَيَاءِ فَجَذَبَ خَالِداً إِلَيْهِ وَ جَعَلَ يَجْذِبُ مِنَ الطَّوْقِ قِطْعَةً قِطْعَةً وَ يُفَتِّتُهَا فِي يَدِهِ فَيَنْفَتِلُ كَالشَّمْعِ ثُمَّ ضَرَبَ بِالْأُولَى رَأْسَ خَالِدٍ ثُمَّ الثَّانِيَةَ فَقَالَ آهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لَهُ قُلْتَهَا عَلَى كُرْهٍ مِنْكَ وَ لَوْ لَمْ تَقُلْهَا لَأَخْرَجْتُ الثَّالِثَةَ مِنْ أَسْفَلِكَ وَ لَمْ يَزَلْ يَقْطَعُ الْحَدِيدَ جَمِيعَهُ إِلَى أَنْ أَزَالَهُ مِنْ عُنُقِهِ وَ جَعَلَ الْجَمَاعَةُ يُكَبِّرُونَ لِذَلِكَ وَ يُهَلِّلُونَ وَ يَتَعَجَّبُونَ مِنَ الْقُوَّةِ الَّتِي أَعْطَاهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ انْصَرَفُوا شَاكِرِينَ لِذَلِكَ.
خبر الأشجع بن مزاحم
بِحَذْفِ الْإِسْنَادِ مَرْفُوعاً إِلَى جَابِرٍ قَالَ: قَلَّدَ أَبُو بَكْرٍ الصَّدَقَاتِ بِقُرَى الْمَدِينَةِ وَ ضِيَاعِ فَدَكَ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ يُقَالُ لَهُ أَشْجَعُ بْنُ مُزَاحِمٍ الثَّقَفِيُّ وَ كَانَ شُجَاعاً وَ كَانَ لَهُ أَخٌ قَتَلَهُ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي وَقْعَةِ هَوَازِنَ وَ ثَقِيفٍ فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنَ الْمَدِينَةِ جَعَلَ أَوَّلَ قَصْدِهِ ضَيْعَةً مِنْ ضِيَاعِ أَهْلِ الْبَيْتِ تُعْرَفُ بِبَانِقْيَا فَجَاءَ بَغْتَةً وَ احْتَوَى عَلَيْهَا وَ عَلَى صَدَقَاتٍ كَانَتْ لِعَلِيٍّ ع فَوُكِّلَ بِهَا وَ تَغَطْرَسَ عَلَى أَهْلِهَا وَ كَانَ الرَّجُلُ زِنْدِيقاً مُنَافِقاً فَابْتَدَرَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع بِرَسُولٍ يُعْلِمُونَهُ مِمَّا فُرِّطَ مِنَ الرَّجُلِ فَدَعَا عَلِيٌّ بِدَابَّةٍ لَهُ تُسَمَّى السَّابِحَ وَ كَانَ أَهْدَاهُ إِلَيْهِ ابْنُ عَمٍّ لِسَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ وَ تَعَمَّمَ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ وَ تَقَلَّدَ بِسَيْفَيْنِ وَ أَجْلَبَ إِلَى دَابَّتِهِ الْمُرْتَجِزَ وَ أَصْحَبَ مَعَهُ الْحُسَيْنَ ع وَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ حَتَّى وَافَى الْقَرْيَةَ فَأَنْزَلَهُ عَظِيمُ الْقَرْيَةِ فِي مَسْجِدٍ يُعْرَفُ بِمَسْجِدِ الْقَضَاءِ