فأثبت له ما تفرق فيهم
من الفضل و الكمال الذي هو المراد من كل واحد منهم. روى ذلك البيهقي أيضا في كتابه
بإسناده عن رسول الله ص بحل من أنعم عليه بالعلم و الخلق و العلاء و جميع ما تشتت
في الورى-
وَ قَدْ قَالَ:
لَيْسَ عَلَى اللَّهِ بِمُسْتَنْكَرٍ
أَنْ يَجْمَعَ الْعَالَمَ فِي وَاحِدٍ.
[فصل: في عبادته و زهده]
. و اعلم أنه إذا نظرت
إلى العبادة وجدته أعبد الناس بعد رسول الله منه تعلم الناس على صلاة الليل و
التهجد و الأدعية المأثورة لقد كان يفرش له بين الصفين و السهام تتساقط حوله و هو
لا يلتفت عن ربه و لا يغير عادته و لا يفتر عن عبادته و كان إذا توجه إلى الله
تعالى توجه بكليته و انقطع نظره عن الدنيا و ما فيها حتى أنه يبقى لا يدرك الألم
لأنهم كانوا إذا
أرادوا إخراج الحديد و النشاب من جسده الشريف تركوه حتى يصلي فإذا اشتغل بالصلاة و
أقبل إلى الله تعالى أخرجوا الحديد من جسده و لم يحس فإذا فرغ من صلاته يرى ذلك
فيقول لولده الحسن ع إن هي إلا فعلتك يا حسن.
و لم يترك صلاة الليل
قط حتى في ليلة الهرير. وَ كَانَ ع يَوْماً فِي حَرْبِ صِفِّينَ مُشْتَغِلًا
بِالْحَرْبِ وَ الْقِتَالِ وَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ يَرْقُبُ
الشَّمْسَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا هَذَا
الْفِعْلُ فَقَالَ ع أَنْظُرُ إِلَى الزَّوَالِ حَتَّى نُصَلِّيَ فَقَالَ لَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَ هَلْ هَذَا وَقْتُ صَلَاةٍ إِنَّ عِنْدَنَا لَشُغُلًا
بِالْقِتَالِ عَنِ الصَّلَاةِ فَقَالَ ع عَلَى مَا نُقَاتِلُهُمْ إِنَّمَا
نُقَاتِلُهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ.
نام کتاب : إرشاد القلوب إلى الصواب نویسنده : الديلمي، حسن بن محمد جلد : 2 صفحه : 217