حكى[1] ابن عبد
ربه قال: قدم امير[2] المؤمنين
المنصور مكة حاجا[3]، فنزل
دار الندوة[4] و كان
يخرج في آخر الليل الى الطواف فيطوف و يصلي و لا يعلم به احد من الناس، فإذا طلع
الفجر رجع الى دار الندوة و جاء المؤذنون، فسلموا عليه، ثم تقام الصلاة فيصلي في
الناس.
قال:
فخرج ذات ليلة حين أسحر، و بينما هو يطوف اذ سمع رجلا عند الملتزم و
هو يقول: اللهم اني اشكو اليك ظهور البغي و الفساد في الارض[5]،
و ما يحول بين الحق و اهله من الظلم و الطمع.
قال:
فاسرع[6] المنصور
في مشيه حتى ملأ مسامعه من قوله، و رجع و جلس ناحية من المسجد و ارسل إليه فدعاه،
فلما حضر قال له المنصور: (ما هذا الذي سمعتك تقول)[7]
من ظهور[8] البغي و
الفساد في الارض؟ و ما يحول بين الحق و اهله من الظلم و الطمع؟ فقال الرجل: ان
أمنتني على نفسي انبأتك بالامور من اصلها، فقال له المنصور[9]:
أنت آمن على نفسك.
[1] - قارن بالنص الحرفي للحكاية في احياء علوم الدين
2/ 351 و ما بعدها، و قد وردت على لسان ابن المهاجر. و تجدها ايضا في عيون الاخبار
لابن قتيبة 2/ 33- 336. و في العقد الفريد للملك السعيد لابن طلحة، ص 116- 117. و
في العقد الفريد لابن عبد ربه 2/ 335- 337.