الاحاديث. فبعث إليه، فلما جاءه و استقر به
المجلس قال له سليمان: يا أبا حازم ما لنا نكره الموت؟ قال: لانكم اخربتم آخرتكم و
عمرتم دنياكم، فانتم تكرهون النقلة من العمران الى الخراب، قال: صدقت يا أبا حازم،
فكيف القدوم على اللّه تعالى؟ قال: اما المحسن فكغائب يقدم على اهله، و اما
المسيء فكالعبد[1] الآبق
يقدم[2] على
مولاه.
فبكى سليمان و قال: ليت شعري ما لنا عند اللّه يا ابا حازم؟ فقال:
أعرض نفسك[3] على كتاب
اللّه تعالى فانك[4] تعلم
مالك عند اللّه و ما عليك قال: و اين أصيب ذلك من كتاب اللّه؟ قال: عند قوله
تعالى: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي
جَحِيمٍ[5] ثم قال: يا ابا حازم فاين رحمة اللّه تعالى؟ قال: قريب من المحسنين
قال:
فبكى سليمان و اطرق ساعة ثم رفع رأسه و قال: يا ابا حازم من اعقل
الناس؟
قال: من تعلّم الحكمة و علمها الناس، قال: فمن احمق الناس؟ قال: من
دخل في هوى رجل ظالم فباع آخرته بدنيا غيره، قال: فما تقول فيما نحن فيه؟
فقال[6]: اعفني
من هذا السؤال، قال سليمان[7]: انما هي
نصيحة بلغتها، فقال:
ان اناسا اخذوا هذا الامر من غير مشورة[8]
من المسلمين و لا اجماع من رأيهم[9]، فسفكوا
الدماء على طلب الدنيا ثم ارتحلوا عنها، قال سليمان[10]:
فليت شعري ما قالوا و ما قيل لهم؟ فقال رجل من جلسائه: بئس ما قلت يا شيخ، قال ابو
حازم: