[الباب العشرون] في الحث على استماع
المواعظ و قبولها من النساك
اعلم ان استيلاء الدنيا على الملوك و اقبالها عليهم ربما شغلهم عن
امر[1] الآخرة و
اغفلهم عن ممهمات الدين، فيجنحون الى اللذات و يهملون[2]
امر الديانات، لان النفوس مطبوعة على الميل[3]
الى الترف، و ايثار التنعّم و كراهة التكليف، فلا ينبغي ان تخلو مجالسهم من علماء
الدين و صلحاء المسلمين[4] و اصالح
المتنسكين[5]،
(لينبهوهم عند طريان الغفلة و يذكروهم عند حرارة الشهوة)[6]
و يوضحوا لهم نهج الآخرة و معالم الشريعة، و قد كان[7]
ذلك شعار الملوك الغابرين و الخلفاء الراشدين في مجالستهم الحكماء، و استماع[8] مواعظ العلماء و كان في وقت ذلك
ثلاث طبقات:
فمنهم طبقة لما سمعوا المواعظ[9]
و التذكير[10] نبذوا
ملك الدنيا الذي يفنى ليعتاضوا عنه ملك الآخرة الذي يبقى، و اخرجوا ذلك من قلوبهم
و ايديهم و اهتموا بامر[11] الآخرة و
العمل بها، لينالوا الفوز الاكبر و النعيم الدائم[12].
و منهم طبقة عند سماع المواعظ[13]
اخرجوا ملك الدنيا من قلوبهم و لم