responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سيرتنا و سنتنا نویسنده : العلامة الأميني    جلد : 1  صفحه : 208

أبو عمر محمّد بن محمّد بن القاسم العبشمي، وأبو القاسم الحسين بن علي الزهري، وأبو الفتح المختار بن عبد الحميد، وأبو بكر مجاهد بن أحمد البوشنجيان، وأبو المحاسن أسعد بن علي بن الموفق قالوا: أنا أبو الحسن عبد الرحمان بن محمّد الداودي، أنا عبد الله بن أحمد بن حمويه، أنا إبراهيم بن خريم الشاشي، نا عبد بن حميد بالإسناد واللفظ[1].

الإسناد صحيح رجاله رجال الصحاح ثقات:

1- عبد الرزاق بن همّام أبو بكر الصنعاني المتوفى 211: من رجال الصحاح الستة، وثقه جمع، جاء ذكره في كثير من معاجم التراجم‌[2].


[1] - تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 14: 194.

[2] - عبد الرزاق الصنعاني: ترجمه غير واحد، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب 6: 278: 611- ع-( الستة) عبد الرزاق بن همّام بن نافع الحميري، مولاهم أبو بكر الصنعاني.

روى عن: أبيه، وعمّه وهب، ومعمّر، وعبيد الله بن عمر العمري، وأخيه عبد الله بن عمر العمري، وأيمن بن نايل، وعكرمة بن عمار، وابن جريح، والأوزاعي، ومالك، والسفيانين، وزكريا بن إسحاق المكي، وجعفر بن سليمان، ويونس بن سليم الصنعاني، وابن أبي رواد وإسرائيل، وإسماعيل بن عياش وخلق.

وعنه ابن عيينه، ومعتمر بن سليمان، وهما من شيوخه، ووكيع وأبو أُسامة، وهما من أقرانه، وأحمد وإسحاق، وعلي، ويحيى، وأبو خيثمة، وأحمد بن صالح .. وغيرهم.

قال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: وأما عبد الرزاق والفريابي وأبو أحمد والزبيري وعبيد بن موسى وأبو عاصم وقبيصة، وطبقتهم فهم كُلّهم في سفيان قريب بعضهم من بعض، وهم دون يحيى بن سعيد، وابن مهدي ووكيع وابن المبارك وأبو نعيم.

وقال أحمد بن صالح المصري: قلت لأحمد بن حنبل: رأيت أحداً أحسن حديثاً من عبد الرزاق؟ قال: لا.

وقال أبو زرعة الدمشقي: عبد الرزاق أحد من ثبت حديثه.

وقال ابن أبي السري عن عبد الوهاب بن همّام: كنت عند معمّر فقال: يختلف إلينا أربعة: رباح بن زيد، ومحمّد بن ثور، وهشام بن يوسف، وعبد الرزاق؛ فأما رباح فخليق أنّ يغلب عليه العبادة، وأما هشام فخليق أنّ يغلب عليه السلطان، وأما ابن الثور فكثير النسيان، وأما عبد الرزاق فإن عاش فخليق أنّ تضرب إليه أكباد الإبل.

وقال أحمد: حديث عبد الرزاق عن معمّر أحب إليّ من حديث هؤلاء البصريين، كان يتعاهد كتبه، وينظر فيها باليمن، وكان يحدثهم حفظاً بالبصرة، يعني معمّراً.

وقال الأثرم: سمعت أحمد يسأل عن حديث النار جبار؟ فقال: ومن يحدث به عن عبد الرزاق؟ قلت: حدثني أحمد، عن شبويه.

قال: هؤلاء سمعوا بعدما عَمِىَ، كان يلقن فلقنه، وليس هو في كتبه، وكان يلقنها بعدما عمي.

وقال حنبل بن إسحاق، عن أحمد نحو ذلك، وزاد: من سمع من الكتب فهو أصح.

وقال أبو زرعة الدمشقي: قلت لأحمد: من أثبت في ابن جريح عبد الرزاق أو البرساني؟

قال: عبد الرزاق.

وقال أيضاً: أخبرني أحمد، أنا عبد الرزاق قبل المائتين، وهو صحيح البصر، من سمع منه بعدما ذهب بصره فهو ضعيف السماع.

وقال عبّاس الدوري، عن ابن معين: كان عبد الرزاق أثبت في حديث معمّر عن هشام بن يوسف، وكان هشام في ابن جريح أقرب للكتب.

وقال يعقوب بن شيبة عن علي بن المديني: قال لي هشام بن يوسف، وكان عبد الرزاق أعلمنا وأحفظنا. قال يعقوب: وكلاهما ثقة.

وقال الحسن بن جرير الصوري، عن عليّ بن هشام عن عبد الرزاق: كتبت عن ثلاثة، لا أُبالي أنّ لا أكتب عن غيرهم: كتبت عن ابن الشاذكواني، وهو من أحفظ الناس، وكتبت عن يحيى بن معين، وهو من أعرف الناس بالرجال، وكتبت عن أحمد بن حنبل، وهو من أثبت الناس.

وقال جعفر الطيالسي: سمعت ابن معين قال: سمعت من عبد الرزاق كلاماً استدللت به على ما ذكر عنه من المذهب! فقلت له: إنّ أساتذتك الذين أخذت عنهم ثقات، كُلّهم أصحاب سنة؛ معمّر، ومالك، وابن جريح، والثوري، والأوزاعي، فعمّن أخذت هذا المذهب؟

قال: قدم علينا جعفر بن سليمان فرأيته فاضلًا، حسن الهدي، فأخذت هذا عنه!

وقال محمّد بن أبي بكر المقدمي: وجدت عبد الرزاق ما أفسده غير جعفر، يعني في التشيع!!

وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين وقيل له: قال أحمد: إنّ عبيد الله بن موسى يرد حديثه للتشيع؟

فقال: كان عبد الرزاق والله الذي لا إله إلّا هو أغلى في ذلك منه مائة ضعف، ولقد سمعت من عبد الرزاق أضعاف ما سمعت من عبيد الله. وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي هل كان عبد الرزاق يتشيع ويفرط في التشيع؟

فقال: أما أنا فلم أسمع منه في هذا شيئاً.

وقال عبد الله بن أحمد: سمعت سلمة بن شبيب يقول: سمعت عبد الرزاق يقول: والله ما انشرح صدري قط أنّ أفضل علياً على أبي بكر وعمر ..

وقال أبو الأزهر: سمعت عبد الرزاق يقول: أفضل الشيخين بتفضيل عليّ إيّاهما على نفسه، ولو لم يفضلهما ما فضلتهما، كفى بي إزدراءً أنّ أحبّ عليّاً، ثم أخالف قوله.

وقال ابن عدي: ولعبد الرزاق أصناف وحديث كثير، وقد رحل إليه ثقات المسلمين وأئمتهم وكتبوا عنه، إلّا أنهّم نسبوه إلى التشيع، وقد روى أحاديث في الفضائل لم يتابع عليها، فهذا أعظم ما ذموه من روايته، ولهذه الأحاديث، ولما رواه في مثالب غيرهم، وأما في باب الصدق فأرجو أنّه لا بأس به.

قلت: قال النسائي: فيه نظر لمن كتب عنه بآخر، كتب عنه أحاديث مناكير.

وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ويحتج به.

وذكره ابن حبّان في الثقات، وقال: كان ممّن يخطئ إذا حدّث من حفظه، وعلى تشّيع فيه، وكان ممّن جمع وصنف وحفظ وذاكر.

وقال الآجري عن أبي داود: الفريابي أحبّ إلينا منه، وعبد الرزاق ثقة.

وقال أبو داود: سمعت الحسن بن عليّ الحلواني يقول: سمعت عبد الرزاق وسئل: أتزعم أنّ علياً كان على الهدى في حروبه؟

قال: لا ها الله إذا يزعم علي أنّها فتنة واتقلدها له هذا.

وقال أبو داود: وكان عبد الرزاق يعرض بمعاوية. وقال محمّد بن إسماعيل الفزاري: بلغني ونحن بصنعاء أنّ أحمد ويحيى تركا حديث عبد الرزاق، فدخلنا غم شديد، فوافيت ابن معين في الموسم، فذكرت له؟ فقال: يا أبا صالح، لو ارتد عبد الرزاق ما تركنا حديثه.

وروي عن عبد الرزاق أنّه قال: حججت، فمكثت ثلاثة أيّام لا يجيئني أصحاب الحديث، فتعلقت بالكعبة وقلت: يا ربِّ، مالي أكذاب أنا، أمدلس أنا؟ فرجعت إلى البيت فجاؤوني.

وقال العجلي: ثقة يتشيع، وكذا قال البزار.

وقال الذهلي: كان عبد الرزاق أيقضهم في الحديث، وكان يحفظ ...

وارجع إلى ترجمته في: الطبقات الكبرى لابن سعد 5: 548، التاريخ الصغير 2: 292، التاريخ الكبير للبخاري 6: 130، الثقات لابن حبّان 8: 412، الكامل لابن عدي 5: 311، التعديل والتجريح 3: 1039، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 36: 160، الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة 1: 652، تذكرة الحفاظ للذهبي 1: 364، تقريب التهذيب 1: 599، بحر الدم: 99، الكواكب النيرات: 58، فهرست ابن النديم: 284، إيضاح المكنون 1: 285، وفيات الأعيان 3: 316، سير أعلام النبلاء 9: 563، النجوم الزاهرة 2: 202، البداية والنهاية 6: 310، العبر في خبر من غبر 1: 360، الأعلام للزركلي 3: 353، معجم المؤلفين 5: 219، المعارف لابن قتيبة: 518، معجم البلدان 3: 428، تاريخ الإسلام 15: 260، الوافي بالوفيات 18: 244.

ولنذكر بعض الأُمور المتعلقة بالصنعاني وبالتهم الموجهة إليه- إن صحت- والتي دار حولها الكلام حتّى ذهب العقيلي إلى إيراده في كتابه الضعفاء 3: 107.

وقد وجهوا إليه عدّة طعون نلخصها فيما يلي:

1- إنّه كان ينال من معاوية بن أبي سفيان ويقول: لا تقذر مجلسنا بذكر ولد أبي سفيان!

2- انتقاده لعمر بن الخطاب، ومخاطبته بالانوك( الأحمق) لأنّه لم يصلّ على النبي( ص) عندما كلمه عليّ( ع) والعبّاس على ميراث رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّم.

3- إنّه روى عن رسول الله( ص): أنّ لو وَلَوْها عليّاً فهادياً مهدياً.

4- إنّه روى حديث النبي( ص) لعليّ( ع): أنت سيّد في الدنيا، سيّد في الآخرة، حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله، فالويل لمن أبغضك بعدي.

ولذا اتهموه بالتشيع، وهذه التهمة لا تعد جرحاً عند علماء الجرح والتعديل، فالتشيع مع الوثاقة والضبط والاتقان لا يضر، فهذا أبان بن تغلب شيعي جلد، وهو ثقة، كما ترجموه، وارجع إلى ميزان الاعتدال للذهبي في ثاني ترجمة من ميزانه.

والشواهد على ذلك أيضاً كثيرة جداً لا تعد ولا تحصى!

وأما تعرضه لمعاوية بن أبي سفيان، فهذا الكلام شاء أصحاب عدالة جميع الصحابة أم أبوا صحيح، سواء ذكره عبد الرزاق أم لم يذكره، لأنّ معاوية بن أبي سفيان معلوم الهوية هو وأبوه وأخوه وابنه ومن شاء راجع تراجمهم ورأى ما ركبوه قبل الإسلام وبعده فما من راية رفعت ضد رسول الله( ص) إلّا كان قائدها أبا سفيان، ومن بعد ذلك أسلموا لما رأوا الفتح، وأن الغلبة لرسول الله( ص) وسماهم الطلقاء، ومن بعد ذلك تقلد معاوية ولاية شؤون الشام بمرسوم من أصحاب السقيفة، ولمّا وصل الأمر إلى الإمام عليّ( ع) حاربه وجيش عليه الجيوش، وسمّاه النبي( ص) باغياً خارجاً على من عليه طاعته، ثُمّ غلب على الأمر ونازع الحسن( ع)، ثُمّ خلف الأمر لابنه يزيد من بعده فافتتح دولته بقتل الحسين( ع)، وختمها باستباحة المدينة، وارجع في ذلك إلى ترجمته في سير أعلام النبلاء للذهبي.

وليس لمعاوية فضيلة تذكر، بل فيه ذم واضح كقول النبي( ص): لا أشبع الله بطنه صحيح مسلم 8: 27.

وقوله( ص): لعن الله القائد والسائق والراكب تاريخ الطبري 8: 185، مجمع الزوائد للهيثمي 1: 113 وقال: رواه البزار ورجاله ثقات.

وقال النبي( ص): ليطعن عليكم رجل يبعث يوم القيامة على غير سنتي أو على غير ملتي .. مجمع الزوائد 1: 112.

وعن عليّ( ع) قال: إما انّه سيظهر عليكم رجل بعدي رحب البلعوم، مندحق البطن، يأكل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه ولن تقتلوه، ألّا وإنّه سيأمركم بسبي والبراءة منّي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4: 54.

وأخرج أحمد بن حنبل في مسنده 1: 421 عن ابن عبّاس قال: كنّا مع رسول الله- صَلّى الله عَلَيْهِ‌[ وَآلِهِ‌] وَسَلّم- في سفر، فسمع رجلين يتغنيان وأحدنا يجيب الآخر وهو يقول:

لا يزال حواري تلوح عظامه زوى الحربَ عنه أنْ يُجنَّ فَيُقْبرَا

فقال النبيّ( صَلّى الله عَلَيْهِ‌[ وَآلِهِ‌] وَسَلّم): أنظروا من هما؟

قال: فقالوا: معاوية وعمرو بن العاص، فرفع رسول الله يديه فقال: اللهم اركسهما ركساً، ودعهما إلى النار دعّاً والمعجم الكبير للطبراني 11: 32، مجمع الزوائد 8: 121 ..

وعن النبي( ص) أنّه قال: إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه سير أعلام النبلاء 3: 149، ميزان الاعتدال 3: 277، تهذيب التهذيب 5: 96، تاريخ الطبري 8: 186، تاريخ الإسلام للذهبي 4: 312، البداية والنهاية لابن كثير 8: 141، وارجع إلى رجال إسناده في الغدير 10: 142 لتجد وثاقتهم.

وعن البراء بن عازب قال: أقبل أبو سفيان ومعه معاوية، فقال رسول الله( ص): اللّهم العن التابع والمتبوع، اللهم عليك بالأقيعس.

فقال البراء لأبيه: من الأقيعس؟

قال: معاوية وقعة صفين لنصر بن مزاحم: 217.

وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: 134 من كتاب لعليّ( ع) إلى معاوية: فإنّ ما أتيت به من ضلالك ليس ببعيد الشبه ممّا أتى به أهلك وقومك الذين حملهم الكفر، وتمني الأباطيل، على حسد محمّد( ص) حتّى صرعوا مصارعهم حيث علمت، لم يمنعوا حريماً، ولم يدفعوا عظيماً، وأنا صاحبهم في تلك المواطن، الصالي بحربهم، والفاً لحدهم، والقاتل لرؤوسهم ورؤوس الضلالة، والمتبع- إن شاء الله- خلفهم بسلفهم، فبئس الخلق خلق اتبع سلفاً محله ومحطه النار. والسّلام.

ومن كتاب له( ع) إلى معاوية كما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: 135: أما بعد؛ فطالما دعوت أنت وأولياؤك أولياء الشيطان الرجيم الحقّ أساطير الأوّلين ونبذتموه وراء ظهوركم، وحاولتم إطفاء نور الله بأيديكم وأفواهكم، والله متم نوره ولو كره الكافرون، ولعمري ليتمن النور على كرهك، وينفذن العلم بصغارك، ولتجازين بعملك، فعثّ في دنياك المنقطعة عنك ما طاب لك، فكانت بباطل، وقد انقضى بعملك وقد هوى، ثُمّ تصير إلى لظى، لم يظلمك الله شيئاً، وما ربِّك بظلّام للعبيد.

إلى غير ذلك من مخارق معاوية التي لا يحسد عليها، ومن شاء المزيد فعليه بالغدير 10: 149 يجد ما يشفي غليله هناك، وما يهون عليه مصيبة الصنعاني العظماء- حسب قولهم- من نيله معاوية بن أبي سفيان، وعدم محبته لذكره في مجلسه للموبقات التي ارتكبها.

فالصنعاني لم يكن متفرداً بهذا الأمر، فهذا الإمام النسائي كما يقول الحاكم في معرفة علوم الحديث: 83: إنّ أبا عبد الرحمن فارق مصر في آخر عمره، وخرج إلى دمشق، فسئل بها عن معاوية بن أبي سفيان وما روى من فضائله؟

فقال: لا يرضى معاوية رأساً برأس حتّى يُفضل.

فما زالوا يدفعون في خصيته حتّى أُخرج من المسجد، ثُمّ حُمل إلى الرملة، ومات بها سنة ثلاث وثلاثمائة، وهو مدفون بمكة.

والقصة مشهورة راجعها في: فيض القدير في شرح الجامع الصغير 1: 33، تهذيب الكمال 1: 339، تذكرة الحفاظ 2: 700، سير أعلام النبلاء 14: 132، معجم البلدان للحموي 5: 282، وفيات الأعيان 1: 77.

وهذا ابن كثير يقول في البداية والنهاية 7: 296: وهذا مقتل عمار بن ياسر( رضي الله عنه) مع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، قتله أهل الشام، وبان وظهر بذلك سرّ ما أخبر به( صَلّى الله عَلَيْهِ‌[ وَآلِهِ‌] وَسَلّم)، من أنّه: تقتله الفئة الباغية، وبان بذلك أنّ عليّاً محقّ، ومعاوية باغ ...

إلى غير ذلك من الكلمات التي يطول المقام بذكرها.

وأما المسألة الثانية وإطلاقه كلمة( الأنوك) على عمر بن الخطاب، فعمر بن الخطاب وإن كان بنظر السنة من الأولياء الأصفياء، لكن مع ذلك لا ينبغي لهم أنّ يتجاوزوا مقام النبي( ص)، فمن أساء الأدب مع النبي( ص) كائناً من كان لا بدّ من إيقافه عند حدّه، وتأديبه وتعليمه حتّى لو كان أوّل الأولياء في الكون كُلّه؛ لأنّ النبي( ص) سيّد البشر، من آدم إلى آخر الدنيا، والصنعاني رأى أنّ عمر أساء الأدب في كلامه عن النّبي( ص) مع علي( ع) والعبّاس بحيث أشار إليه بقوله: تطلب أنت ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث زوجته من أبيها، لا يقول: رسول الله( صَلّى الله عَلَيْهِ‌[ وَآلِهِ‌] وَسَلّم) سير أعلام النبلاء 9: 572، ولم يشر إلى النبيّ( صَلّى الله عَلَيْهِ‌[ وَآلِهِ‌] وَسَلّم) بالصلاة أو بالسّلام عليه.

فإذن كان كلام الصنعاني دفاعاً عن حياض النبي( ص)، وفقاً لفهمه الصحيح من الدين لا لفهم الذهبي وغيره حيث ذكر الذهبي في السير 9: 572 قوله: قلت: هذه عظيمة، وما فهم قول أمير المؤمنين عمر فإنّك- يا هذا- لو سكت لكان أولى بالكلام، فإنّ عمر كان في مقام تبين العمومة والبنوة، وإلّا فعمر- رضي الله عنه- أعلم بحقّ المصطفى وبتوقيره وتعظيمه من كُلّ متحذلق متنطع، بل الصواب أنّ نقول عنك: انظروا إلى هذا الأنوك الفاعل- عفا الله عنه- كيف يقول عن عمر هذا ولا يقول: قال أمير المؤمنين الفاروق.

فإنّ هذا الكلام بنفسه تحذلق وتنطع، إذ كيف لم يفهم الصنعاني الكلام والمقام واضح، فإنّ العبّاس يطلب ميراث ابن أخيه وعلي( ع) يطلب ميراث زوجته، وهو معلوم لكُلّ صغير، إلّا أنّ يكون عمر لغلبة جهله بكثير من الأحكام غير عارف بميراث الابنة والعمِّ عند موت قريبهما، فيا عجباً كيف صار الدفاع عن مقام الرسول تنطعاً، مع أنّه رسول الله( ص)، هو الأولى بالدفاع عنه من غيره؟! ثُمّ كيف جاز لهذا المتحذلق الذهبي أنّ يطعن بالصنعاني بما لا يقبله عن عمر وغيره؟

وأما روايته لحديث: إن لو ولوها علياً لوجدوه هادياً مهدياً فهو حديث صحيح وله متابعات صحيحة، فقد ورد في المصادر الحديثية والتفسيرية في تفسير قوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ، كما في فتح الباري 8: 285: قال: أنا المنذر، وأومأ إلى علي وقال: أنت الهادي، بك يهتدي المهتدون بعدي.

وقال الشوكاني في فتح القدير 3: 70: وأومأ بيده إلى منكب عليّ فقال:« أنت الهاد يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي».

قال ابن كثير في تفسيره: وهذا الحديث فيه نكارة شديدة!

وأخرج ابن مردويه، عن أبي برزة الأسلمي قال: سمعت رسول الله( صَلّى الله عَلَيْهِ‌[ وَآلِهِ‌] وَسَلّم) نحوه.

وأخرج ابن مردويه، والضياء في المختارة عن ابن عبّاس مرفوعاً نحوه أيضاً.

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، والحاكم وصححه، وابن مردويه، وابن عساكر عن عليّ بن أبي طالب في الآية نحوه أيضاً.

فإذن الحديث متعدد الطرق وله شواهد كثيرة، وبعضها صحيح بذاته، وصرح العلماء بصحته، لكن العتب على الشوكاني عندما نقل كلام ابن كثير: فيه نكارة شديدة.

وقد سبقه ابن حجر في الفتح 8: 285: وفي إسناد كُلّ منهما بعض الشيعة، وزاد الطين بلة ابن الجوزي في زاد المسير فحول الرواة من شيعة إلى رافضة، قال في زاد المسير 4: 228 بعد نقل الحديث: وهذا من موضوعات الرافضة.

فانقلبت الرواية من كونها صحيحة ولها شواهد كثيرة وأقرّ بعض العلماء بصحتها إلى أنّ رواتها شيعة كما فعل ابن حجر، وجاء ابن الجوزي ليصنفهم من الروافض، ومن ثُمّ يكونوا وضعوا هذه الرواية، فاقرأ ولا تعجب لفعال القوم، وإلا فالأعاجيب كثيرة وقد تؤدي بحياتك.

وأما حديث: أنت سيّد في الدنيا والآخرة، حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله ...

فرواه أبو الأزهر عن عبد الرزاق، وإذا رجعنا إلى ترجمة أبي الأزهر نجده ثقة كما في تهذيب الكمال 1: 260، مضافاً إلى أنّه لم ينفرد به، فقد قال الحافظ أبو بكر كما في تهذيب الكمال 1: 261: وقد رواه محمّد بن حمدون النيسابوري عن محمّد بن علي بن سفيان النجار عن عبد الرزاق، فبرئ أبو الأزهر من عهدته، إذ قد توسع علىّ روايته .. هذا أولًا. ولمّا يجد القوم مفرّاً من ذلك قاموا ببعض التأويلات فقالوا- مثلًا- كما في تهذيب الكمال 1: 261: هذا حديث باطل، والسبب فيه أنّ معمّراً كان له ابن أخ رافضي، وكان معمّر يمكنه من كتبه، فأدخل عليه هذا الحديث؟!

ولكن بما أنّ الحجّة واهية قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 9: 576 بعدما أورد القصة: قلت: هذه حكاية منقطعة، وما كان معمّراً شيخاً مغفلًا يروح هذا عليه، كان حافظاً بصيراً بحديث الزهري.

وأعجب للذهبي في ميزان الاعتدال 1: 81 كيف رد الحديث فقد قال هناك: 294- أحمد بن الأزهر النيسابوري الحافظ: اتهمه يحيى بن معين في رواية ذاك الحديث‌[ أنت سيد في الدنيا ..] عن عبد الرزاق، ثُمّ عذره.

قال ابن عدي: هو بصورة أهل الصدق. قلت: بل هو كما قال أبو حاتم: صدوق.

وقال النسائي وغيره»: لا بأس به. وقد أدرك كبار مشيخة الكوفة، عبد الله بن نمير وطبقته، وحدّث عنه جلّه، ولم يتكلموا فيه إلّا لروايته عن عبد الرزاق عن معمّر حديثاً في فضائل علي. يشهد القلب أنّه باطل ...

فسند الحديث صحيح، وبما أنّ متن الحديث لا يمكنهم تحمله فلذلك أسسوا قواعد جديدة فقالوا: يشهد القلب بوضعه!! فاقرأ ولا تعجب.

إذن خلاصة الكلام: إنّ القوم لديهم اضطراب واضح في تقييم الرجال، وفي الموازين الرجالية، وفي القواعد المؤسسة، وفي الأحكام التي يطلقونها، وما ذكرناه هنا نزر يسير من كثير من الأُمور التي لو إطلع عليها القارئ لأخذته الدهشة إن لم تكن السكتة.

وبالتالي فالصنعاني إمام من أئمة الحديث معتبر، مشكلته كانت رواياته في فضائل الإمام عليّ( ع) ولأجلها وجهت له طعون عديدة.

نام کتاب : سيرتنا و سنتنا نویسنده : العلامة الأميني    جلد : 1  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست