responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سيرتنا و سنتنا نویسنده : العلامة الأميني    جلد : 1  صفحه : 129

ولماّ أتت على الحسين من مولده سنتان كاملتان خرج النبيّ في سفر، فلمّا كان في بعض الطريق وقف فاسترجع ودمعت عيّناه، فسئل عن ذلك؟ فقال: هذا جبريل يخبرني عن أرض بشاطئ الفرات يقال لها: (كربلاء)، يقتل فيها ولدي الحسين بن فاطمة، فقيل: من يقتله يا رسول الله؟

فقال: رجل يقال له يزيد، لا بارك الله في نفسه، وكأنّي أنظر إلى منصرفه ومدفنه بها، وقد أهدي رأسه، والله ما ينظر أحد إلى رأس ولدي الحسين فيفرح إلّا خالف الله بين قلبه ولسانه. يعني ليس في قلبه ما يكون بلسانه من الشهادة.

قال: ثُمّ رجع النبيّ من سفره ذلك مغمّوراً، فصعد المنبر، فخطب ووعظ والحسين بين يديه مع الحسن، فلمّا فرغ من خطبته وضع يده اليمنى على رأس الحسين، ورفع رأسه إلى السماء وقال: اللّهم إنّي محمّد عبدك ونبيك، وهذان أطائب عترتي، وخيار ذريتي وأرومتي، ومن أخلفهما في أُمتي. اللّهم وقد أخبرني جبريل بأنّ ولدي هذا مقتول مخذول، اللّهم فبارك لي في قتله، واجعله من سادات الشهداء، إنّك على كُلّ شي‌ء قدير، اللهم ولا تبارك في قاتله وخاذله.

قال: فضجّ الناس في المسجد بالبكاء، فقال النبيّ: أتبكون ولا تنصرونه؟! اللّهم فكن له أنت وليّاً وناصراً[1].


[1] - مقتل الحسين للخوارزمي 1: 238، وهذا الحديث عن المسوّر بن مخرّمة.

ذكر الحديث عن الموفق الخوارزمي، وهو حكاه عن ابن أعثم الكوفي في تاريخه، ولئن كان قد ورد في هذا الحديث ذكر النبي( ص) أنّ قاتل الحسين هو يزيد لا بارك الله فيه، فقد ورد ذلك في حديثٍ لمعاذ بن جبل، رواه عن النبي( ص).

ولعل بعض أسانيد ابن أعثم تنتهي إلى معاذ بن جبل.

فقد أخرج الطبراني في المعجم الكبير 20: 33 بسنده عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنّ معاذ بن جبل أخبره قال: خرج علينا رسول الله- صلّى الله عليه‌[ وآله‌] وسلم- متغير اللون، فقال: أنا محمّد، أُتيت فواتح الكلام وخواتمه، فأطيعوني ما دمت بين أظهركم، وإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله، أحلّوا حلاله، وحرّموا حرامه، أتتكم الموتة، أتتكم بالروح والراحة، كتاب الله من الله سبق، أتتكم فتن كقطع الليل المظلم، كُلّما ذهب رسل جاء رسل، تناسخت النبوّة فصارت ملكاً، رحم الله من أخذها بحقّها، وخرج منها كما دخلها، أمسك يا معاذ وأحص.

قال: فلمّا بلغت خمسة قال: يزيد لا يبارك الله في يزيد، ثمّ ذرفت عيناه، فقال: نعي إليّ حسين، وأُتيت بتربته، وأخبرت بمقتله، والذي نفسي بيده لا يقتل بين ظهراني قوم لا يمنعونه إلّا خالف الله عزّ وجلّ بين صدورهم وقلوبهم، وسلط عليهم شرارهم، وألبسهم شيعاً.

ثُمّ قال: واهاً لفرخ آل محمّد من خليفة مستخلف مترف، يقتل خلفي وخلف الخلف.

أمسك يا معاذ، فلمّا بلغت عشرة قال: الوليد اسم فرعون هادم شرائع الإسلام، بين يديه رجل من أهل بيته ليسلّ الله سيفه ولا غماد له، واختلفوا الناس فكانوا هكذا. وشبك بين أصابعه، ثُمّ قال: بعد العشرين ومائة موت سريع، وقتل ذريع، ففيه هلاكهم، ويلي عليهم رجل من ولد العبّاس. ثُمّ قال: ولفظهما واحد.

وهذا الحديث في جو صدوره العامّ هو عين جو صدور الحديث السابق، فاقرأ وقارن تجد الشبه بينهما ظاهراً واضحاً، إلّا أنّ في حديث معاذ بعض الجهات، فتركت الفجوات بينه، فمثلًا في الحديث السابق ذكر حديث الثقلين كما هو مستفيض( كتاب الله وعترتي)، أما في حديث معاذ فليس فيه ذكر للعترة مع أنّ جو الصدور هو التأثر والانفعال لما يصيب العترة، وفي تهديده وتوعيده وإنذاره بالشرّ لمن لا ينصر الحسين( ع) يكفي في الدلالة على أنّه أوصى بالعترة كما أوصى بالكتاب، إلّا أنّ الأيادي الأمينة حذفت ذلك، ومع ذلك حكموا على حديث معاذ هذا بالوضع مع أنّه قد أخرجه غير الطبراني جماعة من الحفاظ وأرباب الحديث كالهيثمي في مجمع الزوائد 9: 190، والمتقي الهندي في كنز العمال 13: 113 نقلًا عن الديلمي وغيره.

ولا يجدي تخريج الحفاظ والمحدّثين له، حتّى لو أخرجه جميعهم أو روته صحاحهم، لا لأنّ ابن الجوزي ذكره في الموضوعات: 45، ولا لأن ابن عراق الكناني ذكره في تنزيه الشريعة 1: 415، بل الآفة الوحيدة التي فيه هو أنّ من رجال إسناده الحسن بن عبّاس الرازي، وهو إمامي قالوا فيه: إنّه كان يضع الحديث! وعلّة العلل التي هي أشدّ من ضرب القامات على القلل أنّ متنه يمسّ قدسية الساسة، ويدنس قداسة السياسة: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَ وَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ‌ البقرة: 79.

نام کتاب : سيرتنا و سنتنا نویسنده : العلامة الأميني    جلد : 1  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست