نام کتاب : تذكرة الخواص من الأمة بذكر خصائص الأئمة نویسنده : سبط ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 525
خلوتك بعينه كنت عند استتارك من
خلقه و مبارزته.
قال: فصاح صيحة أعظم من الأولى، ثمّ قال: من لفقري و فاقتي؟
من لذنبي و خطيئتي؟ أنت لي يا مولاي، و إليك منقلبي[1]
و مثواي، ثمّ خرّ ميّتا.
قال أبو عامر: فأسقط في يدي[2]
و قلت[3]: ماذا جنيت على نفسي؟ فخرجت
جارية، عليها مدرعة من صوف و خمار من شعر، قد ذهب السّجود بأنفها و جبهتها، و
اصفرّ لطول القيام لونها، و تورّمت قدماها!!
فقالت[4]: أحسنت و اللّه يا هادي قلوب
العارفين، و مثير أشجان المحزونين، لا نسي لك هذا المقام ربّ العالمين، يا أبا
عامر، هذا أبي[5] ابتلي بالسّقم منذ عشرين
سنة، صلّى حتّى أقعد، و صام حتّى انحنى، و بكى حتّى عمى، و كان يتمنّاك على اللّه
و يقول: حضرت مجلس أبي عامر مرّة فأحيا موات فكري؛ و طرد وسن نومي، و إن[6]
سمعته ثانيا قتلني، فجزاك اللّه من واعظ خيرا، و متّعك من حكمتك بما أعطاك، فلقد
أرحته ممّا كان فيه.
ثمّ أكبّت عليه، تقبّل عينيه و تبكي و تقول: يا أبتاه[7]،
يا من أعماه البكاء على ذنبه، أبي يا أبتاه، يا من قتله ذكر وعيد ربّه، أبي يا
أبتاه، حليف الحرقة و البكاء،