ذكر الكتاب الذي كتبه يزيد بن معاوية إلى ابن عبّاس
ذكر الواقدي و هشام و ابن إسحاق و غيرهم، قالوا: لمّا قتل
الحسين عليه السّلام بعث عبد اللّه بن الزّبير إلى عبد اللّه بن عبّاس ليبايعه و
قال: أنا أولى من يزيد الفاسق الفاجر، و قد علمت سيرتي و سيرته، و سوابق أبي
الزّبير مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم و سوابق معاوية، فامتنع ابن عبّاس و
قال: الفتنة قائمة، و باب الدّماء مفتوح، و مالي و لهذا؟ إنّما أنا رجل من
المسلمين.
فبلغ ذلك يزيد بن معاوية، فكتب إلى ابن عبّاس:
سلام عليك، أمّا بعد: فقد بلغني أنّ الملحد في حرم اللّه دعاك
لتبايعه فأبيت عليه وفاء منك لنا، فانظر من بحضرتك من أهل بيتك و من يرد عليك من
البلاد فأعلمهم حسن رأيك فينا و في ابن الزّبير، و إنّ ابن الزّبير إنّما دعاك إلى
طاعته[2] و الدّخول في بيعته لتكون له
على الباطل ظهيرا، و في المأثم شريكا، و قد اعتصمت ببيعتنا[3]
طاعة منك لنا، و لما تعرف من حقّنا، فجزاك اللّه من ذي رحم خير ما جزى به[4]
الواصلين أرحامهم، الموفين بعهودهم، فما أنس[5]
من الأشياء، ما أنا بناس برّك و تعجيل صلتك بالّذي أنت أهله، فانظر من يطلع عليك
من الآفاق فحذّرهم[6] زخارف ابن الزّبير، و جنّبهم
لقلقة لسانه، فإنّهم منك أسمع و لك أطوع، و السّلام.
[1] - تقدّم هذا الحديث و تخريج
مصادره في أوائل ترجمة الإمام الحسين عليه السّلام، فراجع ص 119.