قال
الحسن عليه السّلام: سمع أبي رجلا يذمّ الدّنيا، فقال له[2]:
«أيّها الذّامّ للدّنيا و هو مغترّ بغرورها، يا ليت[3]
شعري متى استهوتك؟ أم متى غرّتك؟ أم بمصارع آبائك في البلى؟ أم بمضاجع أمّهاتك تحت
الثّرى؟ كم علّلت بكفّيك! و كم مرّضت بيديك! تبغي لهم الشّفاء، و تستوصف لهم
الدّواء الأطبّاء، لم ينتفع أحد منهم بإشفاقك، و لم يغن عنه اجتهادك، و لم تدفع
عنه بقوّتك.
إنّ
الدّنيا دار صدق لمن صدقها، و دار عافية لمن تزوّد منها، و دار موعظة لمن اتّعظ
بها، مسجد أحبّاء اللّه[4]، و مصلّى
ملائكته، و مهبط وحيه، و متجر أوليائه، اكتسبوا فيها الرّحمة، و حصلوا فيها
الجنّة، فمن ذا يذمّها و قد آذنت ببينها، و نادت بفرقتها، و نعت نفسها و أهلها،
فمثّلت لهم ببلاياها الشّرور، و شوّقتهم بعطاياها إلى دار