في
نهاية الحديث عن المرحلة الثانية يحسن بنا أن نشير إلى خصائصها و ميّزاتها و بعض
الملاحظات حولها:
الاولى:
أنّ المرحلة الثانية تميّزت بكثرة المعاجز و الكرامات التي أشار القرآن الكريم
إليها حتى أصبحت عنوانا بارزا في شخصية عيسى عليه السّلام، يشبه العنوان البارز
الذى اتسمت به شخصية موسى عليه السّلام في العصا و اليد البيضاء و بقية الآيات
التسع.
و
لا شك أنّ طبيعة المرحلة تفرض ذلك؛ من أجل إقامة الحجّة البالغة على الإسرائيليّين
الذين كانوا قد تحولوا إلى مجتمع يتحكم الأحبار و الرهبان في شئونهم الدينية و
الاجتماعية، بما أوتوا من هيبة و قوة دينية بسبب موقعهم الديني و معرفتهم بالكتب
السماوية، فكان عيسى عليه السّلام بحاجة إلى هذه المعاجز ذات البعد النافذ و
القوي؛ لإقامة الحجّة على الخاصة و التأثير على الوسط العام.
و
هنا قد يثار هذا السؤال، و هو: أنّ القرآن الكريم لما ذا لم يتناول بهذا القدر من
التفصيل أو أكثر منه تفاصيل الشريعة، مع أنّ طبيعة المرحلة كانت هي مرحلة بيان
الأحكام؟
و
الجواب عن هذا السؤال واضح عند الالتفات إلى أن عيسى عليه السّلام جاء مصدقا
للتوراة، و مؤكدا لشريعة موسى عليه السّلام، و إنّ مشكلته الرئيسة مع
الإسرائيليّين لم تكن حول تفاصيل الشريعة، بقدر ما هي مشكلة حول مهمته في تصحيح
الانحراف الأخلاقي الذي كان يتصف به الأحبار من الإسرائيليّين.
الثانية:
أنّ الدعوة في هذه المرحلة كانت مختصة بالإسرائيليّين، و لذلك نلاحظ أنّ الخطاب
القرآني كان موجها لهم بالذات كما ذكرنا سابقا، و هذا