الصالح في
هذه الحياة، فتعبّر عن ألمها و محنتها و مشاعرها بأن تتمنى أن تكون في هذه الدنيا
خرقة بالية متروكة لا يهتم بها أحد من الناس، أو يلتفت إليها فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ
النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَ كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا.[1]
و
في قمّة المحنة و شدّة الألم يأتيها اليسر بعد العسر، و الفرج بعد الكرب، و الرخاء
بعد الشدّة، و هذا القانون الإلهي، و السنة الربانية
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً[2].
فتحقق
الولادة الميسورة لآلامها، و انفراج النفس لكربتها، و الطمأنينة و السكينة لنفسها
حيث تضع مولودها الموعود.
النداء:
4-
و يأتيها النداء المطمئن من تحتها- و هل كان النداء من عيسى عليه السّلام مولودها الموعود
الجديد؟ أو من الروح الذي أرسله اللّه إليها من تحت الأكمة؟- و يتحدّث إليها حديث
العارف بحالها، و يقدّم لها العلاج و الحل لكلّ آلامها و مشاكلها:
أ-
فيطلب منها أن تتخلى عن الحزن و الكرب؛ لأنّ اللّه- تعالى- قد جعل تحتها ولدا
رفيعا في الشرف (سريا)[3] و وجيها
في الدنيا و الآخرة، و من المقربين،
[3] - ورد في تفسير( السري): أنّه الشريف الرفيع، فهو
صفة للمولود الذي أصبح من خلال الوضع و الولادة. كما ورد في تفسير( السري)- أيضا-
أنّه النهر الجاري، فيكون إشارة إلى ما منحها اللّه- تعالى- و رزقها من شراب و
غذاء تسدّ به حاجاتها الفعلية المادية، و هو يناسب ما ورد في الآية 26 من السورة.