بيد أنّ
اللَّه قد أعدّ لكم ما هو أهنى من ذلك وأسنى، وأعدّكم لما هو أشرف من المراتب
الرفيعة والمنزلة الحسنى:
قد رشّحوكَ لأمرٍ لو فطنتَ له
فأربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
تحسبون
أنّ بأمثال تلك الحفلات والمساجلات تساجلون الأُمم وتباهونها أو تضاهونها في مقاوم
العزّ وحلبات الفخر ومدارج السموّ ومعارج الارتقاء، وما هي إلّامن أقوى أسباب
التقهقر والانحطاط، بل ولا شيء أشدّ منها تأثيراً في زهوق روح النواميس الحيوية
وتلاشي العناصر الأدبية والمادّية!
فاللَّه
اللَّه يا عباد اللَّه! نافسوا بأنفسكم عن تلك الدنايا والخلاعات، وانتبهوا من هذه
الرقدة والسبات، وانتشلوا أنفسكم من حضيض هذه الوهدة، يا أرباب العزائم والنجدة!
وهاكها
تتّقد جمراً عن كبد حرّى ما كانت من قصدي ولا من شأني، ولا من خطّتي وعنواني، ولكن
لمّا امتلأ القلب بالشجى والألم نفث قهراً عليّ بها القلم!
فرحم
اللَّه من أبصر خيراً فعمل به ودعى إليه، ورأى منكراً فأنكره وأنكر عليه، ورعى
اللَّه امرءاً رأى مقالتي هذه العادلة فرعاها ووعاها، وتروّى بها فنشرها ورواها؛
نصرةً للنصيحة وخدمةً للدين والملّة وغيرةً على الحقيقة.
وقد
كان في نفسي نصائح مهمّة ومقالات جمّة قطعت دونها لفظي وكظمت عليها غيظي خوفاً
ممّا كدت أو وقعت فيه من الخروج عن الخطّة كثيراً.
وأنا
أرتقب من اللَّه أن يهب لها الفرصة في غير هذه الدعوة إن شاء اللَّه. كما أرغب
إليه في أن يمنّ بالعصمة من كلّ وصمة لي ولكافّة المسلمين، إنّه خير العاصمين
وأكرم الأكرمين.