عثرت عليها
في تحرير ولا ظفرت بها ولا من ماهر أو نحرير، والفضل والمنّة للَّه وحده، فإنّه هو
الملهم والموفّق عبده.
وهذا
يغنيك في تحقيق الحقّ عمّا ذكروه في المباحث الكلامية ويكفيك عمّا سردوه من الحجج
الخصامية، فإنّها توجب كلالة الطبع وملالة الخاطر وتعب الفكر، ثمّ لا تقع- بعد
ذلك- على غاية محصّلة ولا ثمرة واضحة.
[الأصلان الدافعان للأشعري على إنكار الحسن والقبح، ومناقشتهما]
وظنّي
أنّ الحامل للأشعري على الالتزام بهذا الأصل- أعني: إنكار الحسن والقبح- التزامه
بأصلين آخرين يبتني عليهما هذا الأصل، وكلٌّ من المبتنى والمبتني عليه بناءٌ هار
وقد انهدم وانهار!
والأصلان
اللذان بني عليهما:
أحدهما: في
أفعال الخالق.
وهو:
أنّ جميع الموجودات ملكه وفي قبضته، فهو يتصرّف بها كيف شاء، وكيفما تصرّف بها فهو
حسن وعدل، بل تقييده في ملكه ومنعه عن بعض أنحاء التصرّف فيه هو عين القبح والظلم:
«لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ»[1].
ونحن
نقول: نعم، هو المالك بالحقّ والحقيقة والاستحقاق من غير تجوّز في الاستعمال أو
الإطلاق، فهو يتصرّف على إرادته واختياره كيف شاء وفيم
[1] قارن: الفَرق بين الفِرق 297، التبصير في الدين
168، المطالب العالية 9: 9، شرح المقاصد 4: 223 وما بعدها، شرح المواقف 8: 195 وما
بعدها، مذاهب الإسلاميّين 1: 555، الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة 184.