وحينئذٍ
فالناقص أو الناقصان يندرجان في عداد الممكنات، ويخرج عن الوجوب ما فرضناه واجباً
بالذات، أعني به: ما أدّانا إليه النظر الثاقب من لزوم الصانع الواجب، كما عرفت في
المقدّمة والفصل الأوّل.
ولكنّي
أخالك- حيث تكون واسع الخيال ذا فطنة فسيحة المجال- لا تقنع بما قدّمناه لك من
تحقيق الحال، وتطالبني بسند هذه الدعوى، وهي: أنّ الحاجة والنقصان يستلزمان
الإمكان، أو هي عينه في الذهن والعيان، ولا تكتفي منّي بذلك البيان حتّى أكشف لك
عن السرّ المصون والعلم المخزون الذي كنت أُنفّس على كشف ستره وإظهار سرّه، وأغار
على غرّاء غُرّته وعصماء عصمته أن يستطلعها كلّ شارد ووارد، أو يستضيء بها إلّاالواحد
من الناس بعد الواحد.
وهو
الأصل والأساس الذي تبتني عليه جميع مسائل التوحيد، والحديث الذي ما عليه في
الأدلّة على وحدانية القديم من مزيد.
ولولا
الرغبة والتنافس على إظهار الحقّ وتحقيقه والوله إلى إيضاح طريقه لما كنت سخيّاً
ببيانه ولا حريصاً إلّاعلى كتمانه!
ولكنّي
امتثالًا لما أمر اللَّه به من بذل الجهد والاجتهاد في الهداية والإرشاد أُلخّص لك
لبابه وأكشف عن نيّر وجهه حجابه، وأقول- والثقة باللَّه (تعالى)-:
[الاستدلال على التوحيد من نفس الوجود]
إنّ
كلّ موجود تجده في الخارج أو تحكم بتحقّقه في نفس الأمر والواقع، فلا شكّ أنّ
العقل يحكم بأنّ ذلك الموجود لا يخلو إمّا أن تكون ذاته وحقيقته ليس إلّاتمام
حقيقة الوجود وذاته، فليس في ذاته شيء سوى الوجود، ولا في