ولو
قلت: ما الذي أوجب دخول هذه الروح الخبيثة في هذا الجسد الشريف؟ وما الذي ساق هذا
الهواء المسمّم إلى هذا الحصن الذي مرّ عليه ردح من الزمان وهو مطلسم؟
قلت:
عدم قيام المصلحين، وسكوت الآمرين بالمعروف والناهين.
ولو
قلت: ما الذي أوجب سكوتهم وإغضاءهم عن تمزيق دينهم بترقيع دنياهم، فلا هذا ولا
ذاك؟
قلت:
حسبك (في فمي ماء، وهل ينطق من في فيه ماء؟!).
[السانحة الرابعة]
4-
إنّي منذ عرفت ليلي ونهاري وميّزت بين خشونة رأسي ونعومة أظفاري لم أصب ولم اعتلق
إلّابمدارسة الكتب ومزاولة العلم والتعلّم واللصوق بأهل الفضل والفضائل والمثول
بين يدي الأكابر والأماثل اقتباساً من فوائدهم وتطفّلًا على موائدهم، وكانت جامعة
هواي ونزعة صبوتي وميولي وأشدّ رغباتي إليّ خاصّة فنّين من الفنون، ولعي فيهما
وولهي إليهما، على تباعد المسافة ما بينهما وتباين الغايات والمبادئ منهما:
أوّلهما:
فنّ تراكيب البيان القمين[2] بتهذيب
المنطق وتشذيب اللسان، مانح ملكة الإنشاءات الأدبية في الأساليب العربية، نظماً
ونثراً، خطابةً وكتابةً.