3- ما
الذي يبعث الهمم وينشط العزائم وينشئ الرغبات الصادقة والأميال الصحيحة الدافعة
إلى تحصيل ذلك الشرف الذي ألمعنا إليه ودلّلنا عليه؟
كلّما
بحثت ونقّبت وأدليت ماتح الفكر في أعماق الأسباب والعلل وصوّبت وصعّدت النظر في
معارج المبادي لم أجده يرد ويقف إلّاعلى تحكيم العقائد الحقّة المشذّبة من كلّ
تنطّع[1] وخرافة،
وتمكين الدين الصحيح من النفوس، ورسوخ الإيمان بمبدئها ومعادها، وأنّ لها صانعاً
حكيماً، وأنّ وراء هذا اليوم يوماً عظيماً، إمّا سعادة لازمة أو شقوة دائمة.
أكبر
سائق للنفوس على ذلك الشرف هو أن تساط النفوس والأذهان وتنصبغ بتلك الصبغة الثابتة
حتّى تتمكّن منها، بل وتتّحد بها اتّحاد الأرواح بالأجسام والماء بالمدام.
وما
جرّ الويل على الإسلام سوى انمحاء تلك الصبغة من نفوس أهليه وانطماسها من عقول
ذويه، حتّى انبترت العلائق فيما دونه وتقطّعت الأواخي فيما بينهم وبينه.
فلو
سألتني: ما السبب الوحيد في ضعف المسلمين؟
لقلت:
الغاية هي ضعف الدين.
ولو
سألتني: ما سبب ضعف الدين في المسلمين؟
لقلت:
زخارف الدنيا ونفوذ الروح الغربية التي دخلت فيهم، ففرّقت ما
[1] التنطّع: التعمّق والمغالاة في الأمر.( تاج العروس
22: 264).