وإنّ
لوعي الاضطرار مفتاحاً إذا عرفه العبد شرح الله صدره للاضطرار إليه في حالات الرخاء،
وأشعره الاضطرار في اليسر والسعة، وهذا المفتاح هو قوله (ص)، كما في الرواية:
(إسألوا
الله عزّ وجلّ مابدا لكم من حوائجكم حتى شسع النعل، فإنه إن لم ييسر لم يتيسّر)[1].
إنَّ
الإنسان لا ينال شيئاً من أسباب الرزق والعافيّة والعلم والزواج والذريّة إلا
بتوفيق وتيسير من الله. فإن لم ييسّر الله تعالى لعبده أبواب ذلك وأسبابه لا يتيسر
له.
ولكن
من يعي هذا الاضطرار من الناس قليل. إن الناس مضطرون إلى الله، ولكنهم لا يعون هذا
الاضطرار.
والاضطرار
في أيّة النمل هو وعي الاضطرار، وليس واقع الاضطرار.
ووعي
الاضطرار هو الانقطاع إلى الله، حيث يقطع الإنسان أمله ورجاءه عن كلّ الأسباب،
ويحصر أمله ورجاءه في الله تعالى، فإنّه مسبّب الأسباب.
فإن
الانقطاع إلى الله ذو وجهين:
الوجه
الأوّل: هو القطع عن كلّ سبب غير الله.
والوجه
الثاني: هو حصر الطلب والسؤال والرجاء في الله تعالى.
والانقطاع
عمل اختياري، يقطع فيه الإنسان باختيار ومعرفة، أمله وطلبه عن كلّ سبب غير الله،
ويحصر كلّ أمله ورجائه وطلبه في الله تعالى، فيدعو الله تعالى في الرخاء دعاء
المضطرّ.