إذن؛ فيحقّ لنا أنّ نلاحظ هذه الروابط بين الإسلام وإيران من النواحي المختلفة، كي نستجلي ما كان من حظّنا من المساعي في سبيل نشره، وما كان للإسلام من الآثار في تقدّمنا المعنوي والمادّي، بدقّة كاملة، وبالإستناد الى المصادر التاريخية المعتبرة.

القومية اليوم‌

إنّ مسألة «القومية» من المسائل التي كَثُر حولها البحث و الكلام في عصرنا الحاضر؛ فقد التفت اليوم الى هذه المسألة كثير من أُمم العالم ومنهم المسلمون الإيرانيون وغير الإيرانيّين- إلتفاتاً خاصّاً، بل حتى غرق بعضهم في هذه المسألة بحيث لا يمكن أن نحدّد لتورّطه فيها حدّاً ولا حساباً!

والحقيقة؛ أنّ مسألة القومية قد ولّدت اليوم للعالم الإسلامي مشاكل كبرى وعظمى- هذا فضلًا عن أنّ هذه الفكرة القومية تخالف أُصول التعاليم الإسلامية؛ حيث إنّها تنصّ على تساوي جميع العناصر في نظر الإسلام- فإنّ هذه الفكرة تشكّل مانعاً كبيراً أمام تحقّق الوحدة الإسلامية الكبرى «بتشكيل وحدات قومية صُغرى مختلفة، بل متخالفة متخاصمة».

إذ أنّ المجتمع الإسلامي- كما نعلم- يتشكّل من أُمم مختلفة، وقد أوجد الإسلام- سابقاً- من هذه الأُمم المختلفة والمتفاوتة وحدة تسمّى: المجتمع الإسلامي، ولا تزال هذه الوحدة الاجتماعية باقيةً موجودة، أعني وجود وحدة كبرى تشكّل بمجموعها أكثر من سبعمائة وخمسين مليون مسلم في العالم، يسودها فكر واحد، وأمل واحد، وشعور واحد، وروابط وعلاقات قويّة ومتينة جدّاً. وما نرى بينها من الفواصل فليس من نفسها هي، بل إنّما هي من حكومات ودول وسياسات، والذي يشكّل الآن العامل الأساس لهذه الفواصل إنّما هي تلك القوّى الأُوروبية والأمريكية