الإسلام والقومية الإيرانية

نحن والإسلام‌

كانت لنا نحن الإيرانيّين- كما يشهد التاريخ- طول حياتنا التاريخية الممتدّة عبر آلاف السنين، وفقاً للعوامل التاريخية المختلفة، مع الأُمم والقوميات المختلفة في العالم؛ علاقات أخوية أحياناً ومتخاصمة أحياناً أُخرى. وقد وصلت إلينا على أثر هذه العلاقات المختلفة أفكار من الآخرين وعقائد مختلفة، كما إنّا بدورنا قد أثّرنا في أفكار الآخرين و عقائدهم. وقد قاومنا قوميات الآخرين حينما كانت تَقدم علينا فلم نَذُب فيها، ولكنّا مع فرط علاقتنا بقوميتنا لم نتعصّب فيها الى درجة العمى لتصبح هذه القومية سبباً لعمى عقولنا وإبعادنا عن الحقيقة وسلب قوّة الإدراك والتمييز عنّا وإيجاد العناد فينا أمام الحقائق.

والآن قد مضى على عهد الهخامنشيّين- الذي كانت فيه إيران الحاضرة بالإضافة الى مناطق من الدول المجاورة تحت حكم واحد- أكثر من ألفين وخمسمائة عام. وقد قضينا نحن الإيرانيّين ما يقارب النصف من هذه القرون الخمسة والعشرين مع العقيدة الإسلامية حيث كان هذا الدين من صميم حياتنا، بحيث كنّا نحنّك به أطفالنا، ونعيش، ونعبد الله، ونموت، وحتى أصبح تاريخنا، وأدبنا، وسياستنا، وحكمنا، وثقافتنا، وحضارتنا، وشؤون مجتمعنا، بل كلّ شي‌ء منّا خليطاً بهذا الدين وقريناً به ومزيجاً معه. وحسب اعتراف المطّلعين قد خدمنا نحن في هذه المدّة الحضارة الإسلامية خدمات ثمينة لا توصف، وسعينا في سبيل تقدّم هذا الدين ونشره بين سائر أُمم العالم أكثر من سائر المسلمين وحتى العرب منهم، وليس لأيّة أُمّة مثل ما كان لنا من النشاط في سبيل نشره وترويجه وإشاعته وتبليغه.