وتبين من هذه الشجرة التاريخية أنّ الجانب الثقافي من العرفان ظهر في جميع أنحاء العالم الإسلامي من الأندلس الى مصر وسورية والروم حتى الخوارزم. ولا شكّ أنّ إسهام الإيرانيّين في هذه الثقافة كان أكثر من حيث الكمّية. أمّا كبار العرفاء من الدرجة الأُولى فقد ظهروا بين الإيرانيّين وغيرهم ...

الصناعة والفنون‌

ما بيّناه في قسم العلم والثقافة كان من مظاهر الخدمات الفكرية التي قدّمها الإيرانيون للإسلام، وتبيّن منه كم أعمل الإيرانيون فكرهم في سبيل الإسلام والثقافة الإسلامية. والذي نشير إليه هنا هو مظاهر خدماتهم الفنية والصناعية والذوقية والإحساسية.

إنّ الخدمات الذوقية والإحساسية بإمكانها أن تبدى الإحساسات المخلصة للإسلام أكثر من الخدمات الثقافية؛ إذ الخدمات الذوقية أكثر اتصالًا بالإيمان من الثقافية العامة. إنّ الضغط والثروة لايستطيعان أن يخلقا عبقرية وإنّما هو الإيمان الذي يخلق العبقريات، هذه القاعدة تصدق بالنسبة الى العبقريات الفكرية أيضاً وكثير من آثار الإيرانيّين في قسم العلوم والثقافة الإسلامية عبقريات، ولكنّها أوضح انطباقاً بالنسبة الى العبقريات الذوقية والإحساسية.

إنّ أكثر العبقريات الصناعية لإيران في العهد الإسلامي كان دينياً إسلامياً، من فن العمران والنقوش والخطوط والتذهيبات والخواتيم والقاشاني والمعرّقات والرخام وغيرها.

ولا أراني بأيّ وجه ذا صلاحية للدخول في هذا الموضوع، وهو موضوع يصلح أن يكون كتاباً مستقلًا، أترك الكلام فيه لذوى الصلاحية بشأنه.

والواضح للجميع هو أنّ هذه العبقريات السابقة قد تجلّت للناظرين في كثير من المساجد والمشاهد والمدارس والمصاحف وكتب الأدعية (والمزارات والعتبات‌