ونلاحظ أنّ السهم الأوفر في هذه الخدمة الثمينة للإسلام أي القراءة والتفسير للإيرانيّين، وإنّ الإيرانيّين هم أكثر كلّ الأُمم‌المسلمة إيماناً وإخلاصاً ونشاطاً في خدمة الإسلام.

الرواية والحديث‌

إنّ من ميادين خدمة الإيرانيّين للإسلام في صعيد العلم والثقافة موضوع الأحاديث، أي قراءة الرواية واستماع الحديث وجمعه وضبطه ونقله عن النبيّ وآله. وهو كالتفسير ينقسم إلى أحاديث الشيعة والسنة. وكان باعث المسلمين على جمع الأحاديث ونقل الأخبار حاجة للمسلمين إليها لأُمور دينهم، بالإضافة إلى أنّ الرسول الكريم نفسه- وفقاً للأحاديث الصحيحة بين السنّة والشيعة- كان يكرّر تشويق الناس إلى أن يُثبتوا ماسمعوه منه وينقلوه لمن يليهم من الغائبين.

ولهذا فقد أبدى المسلمون منذ صدر الإسلام شوقاً شديداً من أنفسهم إلى ضبط أحاديثه (ص) ونقلها. وبعد أن انتشر الإسلام ودخل فيه الناس أفواجاً، وجد أصحابه المتشرّفون بالحضور لديه وحفظ بعض الأحاديث والقضايا عنه قدراً وأهمية خاصة لدى سائر المسلمين، فكان أصحاب الشوق إلى أحاديث النبيّ (ص) يسافرون من بلد إلى بلد ومن نقطة إلى أُخرى كي يسمعوا الحديث من الصحابة أو التابعين، وكثيراً ما كان أحدهم يسافر للتحقيق في صحة حديث أو سقمه أو سماع حديث من صحابي معتبر عشرات الفراسخ أو مئات الكيلومترات حتى يصل الى ذلك المحدث ويسمع منه ما قد رغب فيه.

ويقول جرجي زيدان: «لما اشتغل المسلمون بتفهم معاني القرآن، كان من جملة ما افتقروا إليه في تفهمها أقوال النبىّ، وهو ما عبّروا عنه بالأحاديث النبوية. وأقدم من سمعها- الصحابة- وحفظها، فكانوا إذا أشكل عليهم فهم آية واختلفوا في تفسيرها أو حكم من أحكامها استعانوا بتلك الأحاديث على استيضاحها. فلما كانت الفتوح‌