العلماء والتجّار، فالذين كانوا في شرقي إيران هاجروا الى الهند وتوابعها، والذين كانوا في جنوب إيران ومركز إيران فروا عن طريق البحر الى حيث انتهى بهم المسير، واضطر رجال الجنوب من إيران والخليج وبحر عمان الذين كانت لهم معرفة بالطرق البحرية الى أن يختاروا العيش برؤوس أموالهم في إحدى النقاط النائية، أو أن يفرّوا بفقرهم وفاقتهم الى دول جنوب آسيا. وإنّ الإيرانيين المقيمين بأفريقيا الشرقية وأندونيسيا أكثرهم من أهالي فارس شيراز والجنوب وعلى أي حال فقد انتشر الإسلام على أيدي هؤلاء المهاجرين من المدن البائدة، عن طريق الخطابة والوعظ والإرشاد، ولهؤلاء آثار محفوظة في جنوب شرقي آسيا وأفريقيا الشرقية بعد مرور قرون وسنين. وللتحقيق نحن بحاجة الى كتاب مستقل.

الإسلام في المغرب وشمال أفريقيا

إنّ أهالي خراسان أطاحوا بنهضتهم البطولية بالبلاط الأُموي، وحينما استقر العباسيون على أريكة الخلافة أبعدوا العرب عن مناصب الحكومة اللهمّ إلّا عدداً قليلًا من الخواص أشركوهم في أُمور دولتهم الجديدة، وحيث كان ظهور دعوتهم من خراسان وعلى أيدي الخراسانيين فقد أوكلوا الولاية في أكثر البلاد الى رجال خراسان، وأمّروهم في شرق العالم آنذاك وغربه.

وحينما رجع المأمون من خراسان الى العراق صاحبَه جماعة من أشراف ورجال خراسان، فأوكل المأمون إليهم الحكم في كثير من مدن البلاد. وكان المغرب الأقصى وشمال أفريقيا من المناطق التي يخافون منها على أنفسهم، إذ كانت حكومة الأندلس بأيدي الامويين فكانوا يتخوّفون من الخطر الأُموي من تلك الناحية. ولذلك فقد كانوا يختارون حكام مصر وأفريقيا من بين رجال خراسان الذين كانوا أعداء بني امية الألداء والأشدّاء. وذلك منذ عهد المهدي العباسى فما بعد، وعلى هذا العهد فقد زاد نفوذ الخراسانيين ورجال شرقي إيران في مصر ومناطق أفريقيا الشمالية،