يتيهون فيها ويضيعون! ومع هذا نرى أنّ الحكومة الساسانية قد بادت على يد هذه الفئة القليلة نسبياً.

فعلينا أن نفتّش عن علّة الهزيمة الفارسية في أمر آخر.

الفرس والحكم الفارسي‌

والحقيقة أن نرى أنّ أهمّ عوامل هزيمة الحكومة الساسانية هو سأم الأُمة من نظام الحكم وآدابه ومراسيمه الظالمة والقاسية.

إذ أنّ المؤرّخين الشرقيين والغربيين يسلّمون بأنّ النظام الحكومي والاجتماعي والديني الفارسي يومذاك كان فاسداً الى درجة أنّ الفرس كانت تكره استمرار الوضع القائم آنذاك.

ولم تكن هذه الكراهية والسخط مسبباً عن حوادث السنين الأخيرة بعد خسرو برويز، إذ لو كان الناس متفائلين مع أُسس الحكم القائم أو الدين السائد لم يسبب سخطهم المؤقت عدم المقاومة حين مقابلة العدو المشترك، بل إذا كانت الروح القومية أو الدينية حيّة نابضة كان الأمر على عكس ذلك؛ أي كانت الأُمة تجمع نفسها للمقاومة المسلحة- مهما كانت الأوضاع فاسدة- وتترك آنذاك خلافاتها الداخلية لتكون يداً واحدة تدفع العدوّ عن نفسها. كما رأينا من ذلك الكثير في التاريخ.

إنّ من الطبيعي أن يكون هجوم العدو المشترك سبباً للإندماج الأكثر من الأُمة بعضها في بعض ولنبذ الخلافات الداخلية ولكن يشترط في هذا أن تكون للأُمة روحٌ حيّة تنبع من دينها أو حكومتها. ونرى في عصرنا الحاضر أنّ تواجد إسرائيل عدوّة مشتركة للأُمة العربية دفع بهم الى محاولة الوحدة مهما أمكن وتجمع إمكانياتهم ووحدة شعورهم وإحساسهم مع ما بينهم من كثرة التفرقة والاختلافات والتي يضيفها